وخايلتني على مغناك أزمنةٌ ... فيها مواجعها أهلا وأحبابا!!
والتفت بالنفس ماضيها وقلبني ... على المضاجع محزوناً ومرتابا
ماذا بأرضك أعرى النفس فارتجفت ... على منابتها دوحاً وأعشابا
ماذا بأرضك ناداها وذكرها؟ ... وفتح الواقع المشئوم أبوابا!
كأن بين خطوب الأرض قاطبة ... وبين خطبك أرحاماً وأنسابا!
يا مهد أحلامه. ناداك مرتعد ... يغشى المعالم أجداثاً وأهوالا
وطاف بالأمس لا يلوي على طلل ... إلا وكشف أطلالا وأطلالا!
وطاف بالأمس حتى جن رائده ... وخاض ما فيه أشلاءً وأوحالا!
وخاض في لجة الأيام وانتفضت ... موتى الأمانيّ في الأكفان أجيالا!
قامت تجر خطاياها، ومن أمد ... كانت تجر وراء الضعف أثقالا!
كانت تجدد أوجاعي وتجعلني ... أخشى المغايب أسحاراً وآصالا!
كانت على النفس أرواحاً مدللة ... فأصبحت في مهاوي الأمس أغوالا!
موتى الأماني لا أنسى تعثرها ... بين المخاوف إدباراً وإقبالا
حملتها اليوم آلاماً على كبدي ... وكنت أحملها بالأمس آمالا!!
وكنت أجعلها للنفس أجنحة ... فأصبحت في حنايا الصدر أغلالا
يا مهد أحلامه. وافاك مغترب ... يشكو المذاهب أشواكا وأزهارا
رأى الأصائل فارتابت مشاعره ... فيما يراه تباشيراً وأسحارا!
ألقى عصاه على يومين فانتكست ... به الأماني في مغناك أشعارا!!
ما كاد يعزف بلواه على وتر ... حتى أهاج أنين اللحن أوتارا!
ولا تعمق في شط المنى خبراً ... إلا وذكَّره في اليم أخبارا!
ولا تأمل غصناً في بشائره ... إلا تخوفه ظلا وأثمارا!!
ولا أزاح ستار الغيب عن ظلَم ... إلا وأسدل خوف النور أستارا!
ظن الظنون وذاق الناس واختنقت ... منه الخواطر أشراراً وأخيارا
ما كان أكبره نفساً وأطهره ... لو أن في البر أو في البحر أطهارا!
رأى القلوب عبيداً فانطوى ألماً ... وغاظه أن يرى الأفواه أحرارا!