للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يا مهد أحلامه. ناداك مرتحل ... صب الضمير على مغناك أسقاما!

ما بال دارك يا ابن الليل حافلة؟ ... لم ترع شوقا ولم تستبق آلاما!

ما بال روضك لا تصفو مشاربه؟ ... ولا يطيب على الآفا أنساما

نزلت أرضك والآمال في غدها ... فانساب رائدها في الأمس أوهاما!

وارتد هامدها في الوهم أخيلة ... والتف ذابلها بالنفس أنغاما!!

ومن توارى من الأيام مشأمة ... خال التراجع بالأشلاء إقداما!

وبات ينزف أوهاماً ويسكبها ... ويستمد من التصميم إحجاما!

وراح بالنفس لا يدري لها أفقاً ... وعاد يملؤها ظناً وأحلاما!

وراح يطلب للتبرير مستمعاً ... وعاد يمسخ ذات اليأس أحكاماً!

وراح يسخر بالآمال تعمية ... وعاد ينظر للإخفاق بساما!

يا مهد أحلامه ما كان من ألم ... ولى وأورثني في النفس أشياءً

والقلب أوسع للضراء تذكرة ... إذا تنسم في الآفاق سراء!

والروح يذكر عند الظل حرقته ... كما يهيج رحيل الداء أدواء!

والهم أثقل خطواً قبل مخرجه ... والنفس أكثر بعد الشوط إعياء!

والليل يلمس ألباباً فيتركها ... لا تستطيب لذات الفجر أنباء

واليأس إن لمس الأعماق فادحه ... رد البشائر في الأسماع أرزاء!

واليأس يطمس في الميؤوس حكمته ... حتى يظن طنين الهم آراء

واليأس ينسج أشلاء المنى عقداً ... ويملأ الأرض للميؤوس أعداء

واليأس ينفخ أوهام الفتى ورماً ... ويخلع القلب تخييلا وإيحاء

ويخنق النفس تبريراً وتغطية ... ويقلب الكون في الأذهان أخطاء!

يا مهد أحلامه. ناداك مرتحل ... أفنى الوساوس أجواءً وأعماقا

مد الفؤاد إلى الآمال مختنقاً ... وكان في سكرات اليأس خفاقا

وأغمض الشوق عن أقداسه ورعا ... وكان في حمأة الأرجاس مشتاقا!

وأفرغ الكأس لما جاء واقعها ... وكان يشربها في الوهم ترياقا!

من خالط الدهر لا يروي له خيراً. . . ... ولا يصدق للآفاق إشراقا

<<  <  ج:
ص:  >  >>