ومن تعود شُحَّ الجدب آمله ... رأى الهشيم بذات الخصب إغداقا
ومن تعود في الإخفاق خاطره ... خال النجاح على الأهداف إخفاقا
ومن تمرض بالأشواق خافقه ... ألفي الحفيظة في الأفواه أشواقا!
ومن تذوق للإغراق منقلباً ... ظن التبسم للأيام إغراقا!
ومن تجرع صاب الوهم في أفق ... خاف الحقيقة آفاقاً وآفاقا
يا مهد أحلامه. ناداك مرتحل ... أبلى حوادثها فقداً وإيجادا!!
ولم يزل في شعاب الأمس يذكرها ... إن مس نازلة أو مس أعيادا!
يا بؤس دارك ما زالت نوائبها ... سوداً وأسودها مازال وقادا!
لم يعل محنتها شيب وقد نظرت ... على الملاعب أبناءً وأحفادا!
يا بؤس دارك لا يصفو لها خبر ... وإن صفا لم يجد للصفو أكبادا
تسد مسمعها إن كان عارضها ... غيثاً وتفتحه إن كان إرعادا!
يا ويح دارك قد فاحت سريرتها ... وأزبد الألم المكبوت إزبادا
وجسم الأمل المحموم سامرها ... وماج منقلب الأيام أشهادا
واهتز في دوحة الأشواك فارعها ... حتى اشرأب دفين الأصيل ميادا
وأخرج الأمس ألفاظاً وأحكمه ... على المشاعر والأهواء أصفادا!
يا مهد أحلامه. ناداك مرتحل ... أفنى الخواطر إنكاراً وإعجابا!
طالت مذاهبه وارتاب رائدها ... وأطنب الدهر في نجواه إطنابا
واشتف أعماقه حتى تشربها ... فما أطاق لها شهداً ولا صابا!
واستل أنفاسه صبراً وتضحية ... وامتص خاطره بعداً وإغرابا!
وضاع في صخب الأقدار هامسه ... وانشق مرهفه عتباً وإعتابا
وراح في غسق الأهواء مقتنعاً ... وعاد في وضح الأقداس مرتابا
جنى المصائب آمالا وأحرقها ... على المذاهب توديعاً وترحابا!
وأذهل الشوق عن أبواب واقعه ... وهام يطلب خلف الغيب أبوابا
ومال بالنفس عما لاح شاطئه ... ومد للشاطئ المجهول أسبابا
وأزهق العمر تفكيراً وتجربة ... وما تخير من دنياه محرابا!!