ومهد الأستاذ لأن يتحدث التلاميذ، فوصف أحدهم الاحتفال بـ (سبوع) أخيه المولود، فكان مما قاله: وأمسك أحد المدعوين بالهاون وجعل يدقه ويخاطب الطفل: أسمع كلام أبيك. . . أسمع كلام أمك. . . قال التلميذ: فضحكت لأن هذا كلام ليس له معنى!
وحدثنا آخر عن قضية مراكش حديث الفاهم الواعي، ولحظت حماسة في الكلام فقلت له: وماذا يسيئك من الاعتداء على مراكش؟ لأنها بلاد عربية إسلامية مثل بلادنا يؤلمنا ما يؤلمها. . .
وتحدث تلميذ عن المجتمع المصري وسوء حاله، فحميت أفكار التلاميذ واشتدت المناقشة بينهم. . . سأل أحدهم: أليس الشعب يحكم نفسه؟ قال المتحدث: بلى، ولكن البرلمان يتكون من الأغنياء الذين يشترون أصوات الناخبين. . . وسأل آخر: مادام الأمر بيد الأغنياء الذين لا تهمهم مصالح الناخبين فما العمل؟ قال التلميذ المتحدث: العمل أن يتعلم الشعب ويفهم حقوقه وواجباته، ويستطيع أن يختار من يمثله ويعمل من أجله، ولا شك أن مجانية التعليم تحقق هذا الغرض. . .
دارت هذه الأحاديث بين تلاميذ تقع أعمارهم بين العاشرة والثانية عشرة. . . وأكثر تلك العبارات من نص كلامهم، والعجيب المعجب أن ألسنتهم تنطلق بالعربية في يسر وانطلاق وبعضهم رقباء على بعض، فإذا أخطأ أحدهم أسرع أحد زملائه إلى تصويبه، والعناية بصحة اللغة تصحبها قوة الفكر وانتباه الذهن، يتمثل ذلك في الأسئلة والأجوبة التي يتبادلون في موضوع الحديث. . .
وتسير التربية والدراسة في هذه المدرسة النموذجية على طريقة (المشروع) الأمريكية التي تقوم على تهيئة مجتمع كاملداخل المدرسة، يكون صورة مصغرة للحياة خارجها، وأساس الدراسة في هذه الطريقة أن يشعر التلاميذ بالحاجة إلى دراسة موضوع ما، وليس للمعلم إلا انتهاز الفرصة والإشراف، أي يحس التلاميذ أن الموضوع موضوعهم، وما الملمون إلا معاونون ومرشدون لهم. مثال ذلك أن تلميذا بدت عليه أعراض الألم فجعل ممسك بطنه ويتلوى ويتأوه، فأسرع إليه زملاؤه التلاميذ وأسعفوه بما استطاعوا من العلاج. وسأله المعلم عما أكله في هذا اليوم، فقال: لقد أتت سيارة المدرسة إلى منزلنا في الصباح ولم أكن تناولت الطعام بعد، فأسرعت وركبت السيارة، وعندما نزلت منها قرب باب المدرسة رأيت