فيا لك ذكرى ملؤها الوجد والأسى ... مضرجة الأعطاف بالنوح والندب
دهتك من الدنيا كوارث جمة ... وألقت بك الويلات في مزلق صعب
وما غير الأيام مهما تفاقمت ... بأعظم مما ذقت من فادح الخطب
أيغدو مطاف المجد نهبا مقسما ... ولا تغضب العرباء للنهب والسلب
وكانت إذا نابت ديارا أذلة ... تفجرت الأرواح بالسمر والقضب
حنانيك ربي ما ليعرب لم تفق ... وما خلقت إلا من الشب والهب
فما بالها إن هاجها البغي لم تهج ... وإن قرعت بالسب نامت على السب
أحقا توانت عن منازلة العدا ... أصدقا، وليت الصدق ضربا من الكذب
وهل غضب العادي ديار أحبتي ... وقرت نفوس العرب طوعا على الغضب
فصبرا على البلوى وإن جل أمرها ... وصبرا على الآلام والنوب الغلب
فقد ينجلي الليل الطويل عن السنا ... وتزدهر الأعواد في المهمه الجدب
ويمرع قفر عمه المحل والبلى ... كأنك منه في نماء وفي خصب
ويرجع وجه السلم جذلان ناظرا ... بحرب تلف الأرض بالطعن والضرب
إذا لم يكن في السلم خير ونعمة ... فما الخير إلا في ممارسة الحرب
فبعدا لمن قد عاش في الضعف والونى ... وتبا لعان لا يفيق من الرعب
إذا دهمته الداهمات تلجلجت ... به النفس وانهارت تقول له حسبي
ويا فوز من أسقى العدا أكؤس الردى ... ولم يعي بالأيام نكبا على نكب
يظل شديد البأس بالحق جاهرا ... ويختال في وشي المخيلة والعجب
يا حاديا إما تيممت أرضها ... فعرج عليها وانثر الزهر في الدرب
أمل أصحابي إذا مر ركبهم ... يرون بنثر الزهر ما يزدهي صحبي
وطوف رباع الخلد تطواف عاشق ... حسير الأماني وابك بالمدمع السكب
وغن الحمى حتى يروق لك الحمى ... وينصت مشتاقا إلى نغم الركب
أطل وقفة في الدار ولثم ترابها ... فمن حقها أن تلصق الخد بالترب
وناج دماء أهرقت في رحابها ... وسلسل لها وجدي وصور لها حبي
وقل يا دارا مضها لاعج الأسى ... وأسلمها الباغي إلى الهم والكرب