في وسط هذا الخضم المضطرب من الحوادث والعواطف ومن خلال هذه الثورة الوطنية أكتب إليك أيها الأخ المصري معيداً أمامك صورة جهاد آبائك ومسجلاً لك جهادك، فأنا أحدثك الآن عن مصر في ثورتين: الثورة الأولى١٩١٩ والثورة الثانية ١٩٥١
بدأت ثورة ١٩١٩ عقب الحرب الأوربية الأولى ١٩١٤ - ١٩١٨ فقصد زعماء مصر سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلى شعراوي إلى دار الحماية وطالبوا المعتمد البريطاني باستقلال مصر فأنكر عليهمطلبهم ووعدهم بمخاطبة حكومته انصرف الزعماء من دار الحماية وألفوا (الوفد المصري) ليعمل على تحقيق استقلال مصر والسودان استقلالاً تاماً
بدء العمل:
في ٢٠ نوفمبر ١٩١٨ طلب سعد ورفاقه من المعتمد البريطاني أن يسمح لها بالسفر إلى أوربا لعرض مطالب مصر على مؤتمر الصلح المنعقد في باريس، فجاءهم الرد من السلطة بإرجاء الإذن (إلى أن تزول الصعوبات التي تمنع سفرهم في الوقت الحاضر)
احتج سعد ولم يفتر في العمل أو يتوان. أخذ يجمع التوكيلات من الأمة للمطالبة بحقوقها فأقبل الناس عليها بشغف. رأت السلطة في هذا الأمر خطر فقررت منعه وصادرت التوكيلات. احتج سعد على مصادرة التوكيلات وأخذ يواصل نشاطه فوجه نداء لمعتمدي الدول الأجنبية جاء فيه:
(إيماناً بالتصريحات المؤكدة التي أعلنها ساسة الخلفاء عند نشوب الحرب ولازالوا يجاهرون بها في انتصارهم للحق والحرية
واعتماداً على تلك الروح الجديدة التي تدفع أمم العالم وديمقراطيتها نحو ذلك المثل الأعلى مثل الحياة المطمئنة في كنف العدل وبحبوحة السلام
وثقة على الأخص بأن دخول الولايات المتحدة الفاصل في الممترك العالمي لم يكن لها فيه نقصد سوى صيانة حقوق الأمم الضعيفة واستفتاح عصر عدل مجرد عن الهوى تبور فيه إلى الأبد صفة من لا ينظر إلا إلى إرضاء مطامعه الشخصية ولا يهمه غير بسط على بني الإنسان اعتماداً على القوة والجبروت