هذا الوالد هو الذي أنجب أحمد بن يوسف. وأنت ترى أن أحمد بن طولون كان يتخوف منه، لمكانته واتصاله الوثيق بالبيت العباسي وربما وقع في خاطره أنه عينٌ عليه، في زمن كان فيه أبن طولون يرمي إلى نزع يده من الخلفاء وتأسيس ملك في مصر يكون له ولعقبه على عنق الدهر.
ولذا كان أبن طولون حذراً يقظاً وقد أتخذ أساليب مهمة لأخذ الأخبار، واتقاء عادية كل من طرأ على مصر، وعنده أن كل غريب يجعل تحت الترقيب، ولا سيما إن كان عراقياً أو يمت إلى السياسة بأدنى سبب.
تثقف أحمد بن يوسف ثقافة أبناء الأعيان في عصره، فجاء كاتباً شاعراً رياضياً منجماً أو هو كما وصفوه (مجسطي إقليدسي) حسن المجالسة والعشرة تام المروءة كأبيه، وصار له اتصال دائم بأرباب الدولة ومنهم عظماء في الأدب والكتابة والفقه والطب والهندسة والفلك لم تتعرض كتب التراجم لهم، مثل على المتطبب المعروف بالديدان وقال فيه إنه كان (حسن المعرفة لكتب أفلاطون ورموزه ومبرزاً في الطب) وكان على صلة بالمهندسين واستفدنا من كلامه أنه كان لهم في بغداد موضع يجتمع فيه وجوه العلماء بالهيئة والهندسة في دار العباس بن سعيد الجوهري ترب المأمون
ولم نعرف حقيقة الديوان الذي كان يعد من كتابه أو من رؤسائه، فأن أبن النديم وصفه في الفهرست بالمهندس المصري، وقال إنه فسر كتاب الثمرة، وكتاب الثمرة من تأليف بطليموس أما سائر كتبه فقد ذكر منها ياقوت في معجم الأدباء طائفة صالحة، ومنها سيرة أحمد بن طولون وسيرة أبنه خُمارَوَيْه وسيرة هارون أبن أبي الجيش، وأخبار غلمان بني طولون، وكتاب أخبار الأطباء، وكتاب مختصر المنطق ألفه للوزير العالم الكاتب العف علي بن عيسى، وكتاب ترجمته، وكتاب أخبار المنجمين، وكتاب أخبار إبراهيم بن المهدي، وكتاب الطبيخ. وكل هذه الأسفار فقدت، ولولا أن عثر له في الأعوام الأخيرة على كتاب (المكافأة) بل على جزء منه لغطى الزمن على فضل أحمد ونبوغه في الكتابة أيضاً. وكم من رجل سدل على صيته القناع بعد قليل من رحيله لفقد ما كتبه وقلة أنصاره، وربّ رجل تضاعفت شهرته في مماته أكثر من حياته لإغفال حساده أمره بعد موته ولكثرة