وبطش البطشة الكبرى بمن تحوم حولهم شبهة، وكان غليظ القلب في مصادرة الأرزاق، وتشريد الأسر، حتى أصبح الأزهر كله فرقا يموج بالدس والنفاق، وصار أساتذته في ذلة واتضاع من قلة الرواتب وسوء الحال. . . لئن أثم الشيخ الأحمدي هذا الإثم كله لقد ازدهرت الناحية التعليمية في عهده كل مزدهر، وآتى الاستقرار ثمارا لا تزال حلاوتها ملء الأفواه إلى يوم الناس هذا
وأقبل عهد الشيخ المراغي فكان فيه الخير والشر. كان خيره على الجيوب والبطون، وكان خيره على الكرامة الأزهرية والسمعة الخارجية الداوية، وشره كان على العلم والاستقرار، وكان على الإنتاج التحصيل والإعداد
حينما ثار العلماء والطلاب بالشيخ الأحمدي، وهتفوا بالشيخ المراغي، كانت دعواهم الإصلاح والنهوض. فإن كان الإصلاح الذي يريدون إصلاح الرواتب وإصلاح الجو الأزهري، وإصلاح سمعة الأزهر، فقد تحقق لهم من ذلك بالشيخ المراغي كثير مما يبغون. وإن كان الإصلاح الذي يرجون إصلاحا علميا، ونهضة واثبة لتحقيق رسالة الأزهر، فقد ساروا في ذلك خطوات فسيحات، ولكنز. إلى الوراء!
جاء الشيخ المراغي وفي صدره حب طاغ للأزهريين بعامة، وللطلاب بخاصة. وانثغرت الثغرة الأولى في عامه الأول، فلم تتم المقررات، ليس في الكليات وحدها، بل في المعاهد كذلك، ونادي منادون أن تريث المشيخة بالامتحان حتى يتم الطلاب دروسهم شرحا. وكان حل لهذا المشكل، ولكن على حساب العلم؛ فأوحى إلى وضاع الامتحان أن يكون في المقروء لا في المقرر، فكان هذا بدء الانثلام
وبعد هذا بدأت إضرابات واضطرابات كان يعالجها الشيخ بكثير من الرفق، وفق هوى الطلاب. فاستشعر الطلاب أنهم جانب ذو بال في تسيير دفة الأمور، فعزلوا وولوا، وكان ممن عزل بالهتاف والوقيعة، وممالأة الطلبة، الشيخ الضرغلمي شيخ معهد أسيوط، والشيخ السرتي شيخ معهد طنطا، وأمر أمر الطلاب إلى حد كبير حتى كانت المشيخة تتنور اتجاهاتهم ورغباتهم لتسير كما يطوع هواهم
نسيت المشيخة أن الطلاب لهم قلوب وآراء واتجاهات، وأن شراء ذممهم بالمال تربية سافلة، وسنة قذرة يجب أن تتوقاها مشيخة كريمة جهد التوقي