نسيت المشيخة أنها بذلك تعلم رجال الأحزاب احتقار الأزهر وآله الذين يسخرون بالدراهم، ويسيرون بالرشا. . ولقد ذهب الطلاب إلى الدكتور ماهر ذات يوم يطلبون إليه أمرا من أمور الأزهر، ويذكرونه فضلهم في خدمة الحكومة القائمة. فأجابهم: أما ما تذكرون من الفضل. . فلا. . فقد قبضتم الثمن!
هذا العمل كان جديرا أن يصدر من شيخ غير المراغي العظيم، ولكن الشيخ - غفر الله له - باع الأزهر في سبيل الكيد والمغايظة، ولم يعبأ بانتقاء السلاح الذي ينبغي له استعماله
إن من الإجرام أن يسير الأزهر في ركاب حزب من الأحزاب. وإن من الإجرام أن يحاول حزب من الأحزاب أن يلون الأزهر بلونه. يجب أن تتوقى الأحزاب جرجرة الأزهر واستغلاله في مهاترتها ومناوراتها ومكايدها. وإذا كان لا بد للأزهر أن يتحزب، فليتحزب تحزبا إسلاميا يتفق مع دراسته ورسالته
لقد كان من الآثار الباقية لهذه الحركة المشئومة أن آمن الطلاب والأساتذة من يومئذ بأن الاضطراب أمر مشروع تسنه المشيخة وتباركه وتكافئ عليه وتدعو له، وأن الامتحان مأمون الخطر ما دام في المقروء، وما دام الأساتذة في أيدي التلاميذ، يقرءون ما أراد الطلبة لهم أن يقرءوا، وينتهون إلى حيثما يريد الطلبة بهم أن ينتهوا. . وتخرج على هذا الوضع متخرجون هم في الجهالة ما هم!
وانتهى عهد الشيخ المراغي وقد خلف للأزهر فسادا شاملا وسننا من أسوا ما ضرب للمتعلمين في أي معهد من معاهد التعليم
فإذا كان للشيخ مناح محمودة مشهودة من خلقه ووفائه، ومن عزته وإبائه، ومن علمه وجلالته، ومن حفاظه وكرامته. فليس هذا عليه بمنكور، ولكنا لسنا بصدد التحدث عن ذلك؛ وإنما نحن بصدد الحديث في أمر الفوضى والاستقرار، فليطرد فيه الكلام حسب
من بعده تولى الشيخ مصطفى عبد الرزاق، وقد جاء وصدره تتزاحم فيه الآمال. وأنهى إلى الأزهريين أنه راغب أن يدفعهم إلى الأمام بكلتا يديه. . ولكن مثقلة من انحلال خلقي، وتكتل إقليمي، ونزوع للفوضى، مما يحتاج في علاجه إلى صلابة وجه، وشدة جسم. . . أمر يتكاءد رجلا موفور الحياء، جم التواضع، بالغ الرقة، كالشيخ مصطفى أن ينجح في علاجه وتصفيته. إذن فقد مضت الأمور آخذة أخذها القديم، ولم يتأذن الله للشيخ مصطفى