للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التأويل نعم. لأن المخلوق صورة الخالق وليس أكمل منه تعالى.

ووقف لهم جماعة بالمرصاد توفروا على تفنيد أقوالهم، ومناقشة آرائهم، ثم التشهير بهم، والنيل منهم، وهذا ابن تيمية يعلن عليهم في الفتاوى حربا شعواء، وقديما قال، ما أظن الله بغفل عن المأمون لأباحته الفلسفة (!!).

عرج قوم بالفلسفة في أيام العباسيين على الدين وحاولوا أن يوفقوا بينهما، فرجعوا يحملون عبء الهزيمة ثقيلا، ومشت وراءهم الحكمة القائلة (سلم وأنت أعمى) تلوح لهم ظافرة بهم، ظاهرة عليهم.

وجاء صاحب جلاء العين فكان كابن تيمية فيما أراد وقال، ثم جاء صالح المقبلي في كتابه العلم الشامخ فسخر بهم، وفسق كلامهم، وعراه من الحقيقة، وامتدت كلماته إليهم فأصابت منهم مقاتل.

أعيا المتصوفون أمرهم فقام الجيلي يقول: (صح لنا هذا كشفاً فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر).

وبدهي ان دعوة الجيلي هذه كاذبة، وإلا فما هذا المنطق يقدمونه بين يدي كل قضية؟ وما هذه المقدمات التي تتكئ عليها النتائج؟

على أنهم لم يعدموا نصراء يدافعون عنهم ويدفعون، وهذا القزويني يعقد في كتابه (درر الفرائد) باباً في ذكر مصطلحات القوم. قال: أتطمعون في فهم كلامهم وهو انما يعرف بالذوق لا بالمنطق؟ (من ذاق طعم شراب القوم يعرفه. .) ثم أخذ يفسر رموزهم، ويستدل عليها فناقض نفسه.

ويقول غلاة المنتصرين: إذا ظهر كلام الصوفية خارجا عن ظاهر الشريعة فهو مقول في حال سكرهم، والسكران سكرا مباحاً غير مؤاخذ، فان لم يكن كذلك فلابد أن يكون له تأويل ظاهر، فان لم يكن فله تأويل باطن لا يعلمه إلا الله والراسخون.

فأنت ترى أنهم يريدون أن يبرئوهم (إذا كان هناك جرماً) على أي حال، ومهما كانوا، ولنا عليهم أن نقول لو كان كلام الصوفيين موافقا للشريعة الظاهرة ففيم الرمز وفيم الإبهام؟

وبعد، فهذا مذهب وحدة الوجود في اظهر مناحيه، ولعلي مستطيع أن أعود اليه فيما بعد؟

طاهر محمد أبو فاشا

<<  <  ج:
ص:  >  >>