يقول:
هو في دمي خلد وبين أضالعي ... فجر أوائله بها كأواخر
لي خافق يجد الربيع منوعا ... في كل مرأى يستبين لناظري
لي خافق يجد الربيع بكل ما ... يلقاه من ماض لدى وحاضر
في البحر، في القفر الجديب، وفي لظى ... بين الجوانح، في ظلام مغاور
في بسمة الطفل الصغير تكشفت ... عن طهره في روعة لعباقر
في غنوة العصفور في ألق الضحى ... في ضجة الموج العتي الهادر
وإذا عاد ربيع الناس، ترنم شاعرنا بهذا النشيد العذب
(نداء الربيع) فيقول:
عاد الربيع ومهجتي ... فيها ربيع ناضر
شعر، وأحلام، وأنغام، وشوق زاخر
عاد الربيع فعدت أسمع بين أحنائي خطاه
همس يدب مجددا ... في القلب أفراح الحياه
ولئن تملك الربيع شاعرنا الملهم، فلا أقل من أن يمتزج بتهاويله فتراه - وهو على ضفاف (بحيرة البجع) - يتمنى أن يكون عطراً أو ريشة أو ظلاما أو صباحاً أو سكوناً أو ظلاما، ولكنه قلب أسير في يد الحقيقة، فيناجي البجعات السابحات الفاتنات:
آه لو كنت في رحابك عطراً ... في زهور على غصون وريقة
آه لو كنت ريشة في جناح=لطيور منعمات رشيقة
آه لو كنت في مياهك ظلا ... غائصاً يرتقي الزهور العريقة
كم تمنيت أن أكون صباحاً ... ناعساً حالماً رغيباً شروقه
كم تمنيت أن أكون سكوناً ... في كهوف بين الجبال سحيقة
كم تمنيت أن أكون ظلاماً ... ناشراً ستره محبا سموقه
كم تمنيت أن أكون، وما كنت سوى مهجة بأسر الحقيقة
وتراه يزف (نسمة الفجر) إلى دنيا الناس فيقول:
هبي على القفر الجديب، على السهول، على البحور