صورة لفظ. فحتم إذن أن يكون الجمال في اللفظ إذ لو كان الأسلوب رديئاً لما وصلتك الفكرة الجميلة)
وهذا كلام جيد. ونحن نوافق عليه بنصه وفصه. لا بل أنا قد كتبته منذ أشهر في فصل من فصول كتابي (التصوير الفني في القرآن) الذي يطبع الآن. . .
ولكن من الحق أن نرجع الفضل إلى أهله. فلست أنا ولا الأستاذ عادل، ولا النقاد الحديثون في أوربا هم أول من خطرت لهم الفكرة على هذا النحو كما يقرر هنالك رجال ممن كتبوا عن (البلاغة) منذ مئات الأعوام قد اهتدى إلى هذه الحقيقة؛ ولقد عبرت عن هذه الحقيقة في كتابي على النحو التالي
(إنا لنحسب إن (عبد القاهر) قد وصل في مشكلة اللفظ والمعنى إلى رأي حاسم حين انتهى في (دلائل الإعجاز) إلى أن اللفظ وحده لا يتصور عاقل أن يدور حوله بحث من حيث هو لفظ، إنما من حيث دلالته على المعنى. وأن المعنى لا يتناوله البحث من حيث هو خاطر في الذهن، ولكن من حيث أنه ممثل في نظم. وأن المعنى مقيد في وجوده بالنظم الذي يؤدي به، فلا يمكن أن يختلف النظمان ثم يتحد المعنى تمام الاتحاد.
(لم يصغ عبد القاهر القضية هذه الصياغة فنحن نترجم عنه باختصار، وإلا فقد استغرق فيها كتاباً كاملاً لا نستطيع نقله هنا، ولا نقل فقرات منه بذلك الأسلوب المعقد الذي لا ينسق مع كتاب عن (التصوير الفني في القرآن)!
(ولكن (عبد القاهر) له فضله العظيم في تقرير هذه القضية. ولو خطا خطوة واحدة في التعبير الحاسم عنها لبلغ الذروة في النقد الفني. فنقول عنه: أن طريقة الأداء حاسمة في تصوير المعنى. وأنه حيثما اختلفت طريقة التعبير عن المعنى الواحد اختلفت صورة هذا المعنى في النفس والذهن. وبذلك تربط المعاني وطرق الأداء ربطاً لا يجوز الحديث بعده عن المعاني والألفاظ كل على انفراد. فلن يبرز المعنى الواحد ألا في صورة واحدة، فإذا اختلف المعنى بقدر اختلافها. وقد يتأثر المعنى العام في ذاته، ولكن صورته في النفس والذهن تختلف، وهي المعول عليها في الفن، إذ التعبير للتأثير، فإذا اختلف الأثر الناشئ عنه، فالمعنى مختلف بلا مراء!)
هذا ما كتبته يومذاك. وفيه إقرار بالفضل للمفكر الأول، مهما يكن في عرضه للرأي من