للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تقصير، ذلك أنه يطالب بالكمال في ذلك الزمن البعيد

ثم يستطرد المؤلف إلى أن اللفظ قد أستبد بالأدب العربي وأن آداب اللغة العربية جميعها آداب لفظية، وشيء كثير من هذا صحيح. هو صحيح بالقياس إلى النثر العربي بلا جدال. أما بالقياس إلى الشعر فالأمر قد يختلف. ذلك أن الشعر على ما فيه من عيوب تعرضت لها في مقالين قريبين بالرسالة واقتبس منهما الأستاذ عادل في الاستشهاد على هذا الرأي بعض الفقرات - أقول على الرغم من ذلك فإنه لم يخل من القليل الجيد الحي المعبر عن الحالات النفسية والخلجات الطبيعية، التي تبرز فيه من وراء الألفاظ حتى لتتواري هذه الألفاظ، والمجال لا يتسع هنا لضرب الأمثال، فأنا معجل عنها إلى قضية أخرى تعرض لها الأستاذ عادل تعرضاً لم يرض الكثيرين وذلك حين يقول:

(ولعل ما يلقي بعض الضوء على سر استبداد اللفظ بأدباء العرب ما قاله (موم) بصدد الأسلوب الأدبي في أمريكا. فقي رأيه أن هذا الأسلوب الذي تستمد معظم مقوماته من لغة الجمهور الحية يعتبر - في نماذجه الجديدة - أكثر أصالة وحيوية من أسلوب الكتاب الإنجليز. وهو يرجع علة ذلك إلى أن الكتاب الأمريكيين نجوا من استعباد الترجمة الإنجليزية للتوراة التي وضعت في عصر الملك جيمس) كما أنهم كانوا أقل تأثراً (بالأساتذة) الإنجليز القدماء. والحق إن تحكم كتاب بعينه في أدب شعب من الشعوب - ومثله تقديس كاتب أو نخبة من الكتاب - معناه منع هذا الأدب من النمو والتطور، والوقوف به عند حد معين لا يتعداه إلا بالثورة والثورة تصلح ولكنها تحطم وتفسد في نفس الوقت. ومع ذلك فقد تصبح في بعض الأحيان شراً لابد منه)

فهم بعض إخواننا من هذه الفقرات أنه يشير إلى أسلوب (القرآن) وتحكمه في نمو الأدب العربي وغبوا لهذا الفهم جداً. . .

وأنا أحب أن أعرض للمسألة على هذا الوجه، وأن أحكم الحس الديني في مسألة أدبية

أن هذا الواقعة غير صحيحة في ذاتها ومن أساسها بالقياس إلى الأدب العربي وعكسها هو الصحيح. والأمر الذي اهتديت إليه في كتابي الذي مر ذكره، قد يبدو عجيباً لأول وهلة.

إنني أزعم أن الأدب العربي لم يستفد بعد من أسلوب القرآن طوال هذه الأربعة عشر قرناً من الزمان! بله تحكم هذا الأسلوب في نموه! لقد بقى القرآن مجهولاً - من مناحية الفنية -

<<  <  ج:
ص:  >  >>