للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شلتوت عضو جماعة كبار العلماء دعا في يوم من أيام شهر فبراير الماضي إلى محاضرة يلقيها في دار كلية الشريعة موضوعها (السياسة التوجيهية العلمية في الأزهر) ولست أريد الآن أن ألخص للرسالة هذه المحاضرة، ولا أن أنقل شيئاً منها، ولكني أريد أن أصف للقراء كيف أقبل الناس على سماع هذه المحاضرة وكيف استقبلوها عندما سمعوها، ليعلموا أن عيون الأزهريين قد أصبحت متطلعة، وأن آذانهم قد أصبحت مصغية، وأن نفوسهم قد أصبحت مستعدة.

فأما إقبال الناس على هذه المحاضرة فقد كان رائعاً: إنه لم يكد عنوانها ينشر على الناس مقترناً باسم صاحبها حتى جعلوا يتساءلون: ماذا عساه يقول في هذا الموضوع. وكيف يذكر حقائقه، ويعرض للناس وقائعه؟ تساءلوا عن ذلك لأن العنوان وما عرف به صاحب المحاضرة من حب للصراحة وجهر بالحق قد أثار في نفوسهم معاني شتى هم بها يشعرون. ولبوا دعوة الداعي خفافاً سراعاً حتى بلغت عدتهم قريباً من أربعة آلاف بين علماء وطلاب، واكتظت بهم مدرجات الكلية وحجراتها وأفنيتها، واستعين على إسماعهم بمكبرات الصوت التي بثت في نواحيها، وكان فيهم صفوة من الأزهريين الذين يشغلون المناصب في الإدارة العامة وفي الكليات وفي غيرهما، وألقى فضيلة الأستاذ الكبير محاضرته فكان يقاطع بالتصفيق الحاد والهتاف المدوي في أثنائها. ولما انتهى منها هنأه فضيلة الأستاذ الكبير مفتي الديار المصرية على ما وفق إليه من وصف حالة الأزهر العلمية وسياسته التوجيهية، وعانقه فضيلة الأستاذ الكبير وكيل مشيخة الأزهر مقبلاً إياه بين عينيه على ملأ من الناس أجمعين، وعلا التصفيق والهتاف لهذا المظهر الرائع، وأبى الطلاب إلا أن يحملوا فضيلة المحاضر على أعناقهم إلى فناء الكلية فتم لهم ما أرادوا، وكان يوماً في الأزهر عظيما!

ولكن ما هي هذه المحاضرة التي استقبلها الأزهر: شيوخه ورؤساؤه وطلابه هذا الاستقبال العظيم؟ وماذا قال فيها صاحبها حتى ملك هذه القلوب جميعاً؟ سؤال تسألونه أيها القراء الكرام وحق لكم أن تسألوه. ولتعلمن نبأه بعد حين.

محمد محمد المدني

<<  <  ج:
ص:  >  >>