للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تفارق شفاهه باستمرار في ذلك الوقت، فالتاريخ الطبيعي والفن والأخلاق. . . الخ أصبحت جميعاً منسجمة بنفسه؛ وقد علق على ذلك بقوله (إني أشعر أن شمسي تسطع سطوعا باهرا). أجل أن شمسه سطعت في تأملاته التي كان يخص بها الفنون القديمة، وكان ينظر إليها لا بمنظار رجل يدري شيئاً بعيدا عن نفسه، بل كان ذلك طبيعة نامية فيه، فقال عن نفسه (إن الطفل المريض والضعيف سابقاً يمكن أن يتنفس الحرية بطلاقة مرة أخرى)

ماذا عنت إيطاليا بعبقريته

ليس في مكنتنا سوى تخمين العوامل التي أثرت في شخصيته. . ومن هذه العوامل علاقته بميزات البحر الأبيض المتوسط، التي كان لدمه بها صلة وكان لهذا العامل (إللاألماني) فوائد تحريرية عليه، فهي التي وسعت غريزته العظمة فيه، وهذه الغريزة مستمدة من الغريزة التاريخية. وقد وضعت إيطاليا الصبغة النهائية على قسمات وجهه، فأصبح الألماني المهذب ذا وجه ألماني بالنسبة إلى وطنه، ووجه ثان هو أقرب إلى وجوه الموظفين الخجولين والمتظاهرين بالحشمة، وفي الوقت نفسه تغير فيه كل شيء فأصبح متزنا كاملا مكتفياً بذاته، منطويا في قرارة ذاته على نفسه وغدا اتصاله بالناس صعبا جدا، ولم يبق من صلاته المصداقية القديمة شيء يذكر، فشعر كل واحد من أصدقائه بالبرودة المتجمدة التي كانت تظهر عليه.

وقد علق أحد أصدقائه بعد أن قضى معه ليلة من الليالي بما يلي: (وشعرنا وكأننا نعيش في محيط بارد جدا وكانت السآمة تخيم علينا بثقلها، وأضحت شهامته ملاطفة وحشمته ظاهرية. أما (شلر) الذي لم يكن يلحظه غوته في غضون إقامته في أول شتاء قضاه في (وايمر) فقد حدثنا عنه بقوله (كانت له موهبة تأسر الناس وتسحرهم سواء أمان ذلك في الأمور البسيطة أم الكبيرة، على أنه كان يحتفظ بنفسه فوقهم، وكان الناس يشعرون بوجوده بسرور بالغ، ولكن وجوده كان كوجود الآله لا يعطي من نفسه)

ولكن عملا منافيا أجترحه بعث الناس ذوو الأخلاق العالية والسلوك الحسن على الغضب عليه، وتتلخص هذه الفعلة بإيوائه فتاة إلى سريره، وكانت هذه الفتاة جميلة وجاهلة جدا، وكانت بائعة ورد واسمها (كريستيانا فولبيوس)، وكانت هذه العلاقة علاقة دعارة استفزازية

<<  <  ج:
ص:  >  >>