بالخرافات العالمية الأخرى؛ وبذا نستطيع معالجتها أو مطاردتها والتخلص منها. فخرافة (الزار) مثلاً ظاهرة اجتماعية تتطلب دراسة تاريخية مقارنة فيها كثير من بواعث السرور ووسائل التشويق. وما تخيرنا الخرافة بين الأبحاث الاجتماعية الكثيرة إلا لنلفت الأنظار إلى هذه الأرض الخصبة التي لم تستكشف وهذا العمل لم يبدأ فيه بعد
وقد لاحظنا من قبل إجماع بعض القبائل على اعتناق خرافة ما؛ وفي هذا ما يؤذن أن للإنسانية، وإن تنوعت بتنوع البيئة والوسط، تراثاً عاماً يأخذه الخلف عن السلف؛ وأن الإنسان المتحضر ليس إلا صورة مهذبة للإنسان المتوحش. نحن في كثير من آرائنا وعادنا وتقاليدنا عالة على من كان قبلنا، بل تكاد تكون شخصيتنا ونظام تفكيرنا من صنع القرون الغابرة. فلندرس إذن النظم الاجتماعية على ضوء التاريخ إن كنا نريد فهمها على وجهها الصحيح، لا سيما ونحن مخدوعون غالباً بما ألفناه. فكثيراً ما يلبس الشيء في أعيننا لباس العقل والمنطق في حين أنه يعتمد على أساس خرافي وأصل ضعيف. وكم من عمل عادي فردي أو جمعي نقوم به اليوم دون أن نعيره أية أهمية في حين أنه كان بالأمس ذا صلة بعقيدة خاصة أو عبادة محترمة. وقد تنبه علماء الاجتماع المحدثون إلى هذا فشرحوا لنا أموراً ما كنا نفكر في سردها وتعليلها. وعلى الجملة فالإنسانية أشبه ما تكون بشجرة ممتدة الأغصان مترامية الأطراف قد مرت عليها عصور طويلة وأجيال كثيرة، ولا يمكن فهم طبيعتها وفصيلتها والمؤثرات في ثمرتها إلا إن بدأنا بجذورها الأولى وعرفنا كيف نمت وتكونت