للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا، فربما قصدت الرؤيا بالموسيقى معنى الكلمة المعروف، فرأيت أني أكون آمن، لو أرضيت هذا الشك، وأطعت الرؤيا فيما تأمر به، فأنشأت قبل رحيلي قليلاً من الشعر، فهذا قضاء الموت يرقبني، وقد أمهلني العيد قيلاً. فكتبت بادئ ذي بدء نشيداً في تمجيد آله هذا العيد، ثم لما رأيت أن الشاعر الذي يراد له أن يكون شاعراً مبدعاً حقاً، لا ينبغي أن يحشد ألفاظاً وكفى، بل لابد له أن ينشي قصصاً، ولما لم تكن لدي قوة الإنشاء؛ أخذت طائفة من قصص ايزوب، ونظمتها شعراً، فقد كانت ميسرة سهلة التناول، وإني بها لعليم. أنبئ أفينوس بهذا ولا تجعله يبتئس، قل له إني أود أن يتبعني، وإلا يتلكأ إن كان رجلاً حكيماً، فأغلب الظن أنب مرتحل عنكم اليوم، إذ قال الأثينيون أن ليس لي من ذلك بد

قال سمياس - يا له من نبأ يحمل لذلك الرجل! أني أقرر لكم وقد كنت رفيقاً له ملازماً، أنه - كما عهدته - لن يأخذ بنصحك إلا مجبراً

قال سقراط - ولماذ؟ أليس أفينوس فيلسوفاً؟

قال سمياس - أحسبه كذلك

إذن فسيكون راغباً في الموت، شأن كل رجل عنده روح الفلسفة، ولو أنه لن ينتزع روحه بيده، فقد أجمع الرأي على أن ليس ذلك صواباً

وهنا بدل في وضعه، فأنزل ساقيه من السرير إلى الأرض ولبث جالساً حتى ختم الحوار

يتبع

زكي نجيب محمود

<<  <  ج:
ص:  >  >>