مال؛ فإن لم يكن له مال فليبعث به أحد الأقربين أو المحسنين أو يدفع له حاكم البلد الأجر من بيت مال المسلمين.
والقابسي يتلمس جميع الوسائل المؤدية إلى تعليم الصبيان. إلى أن قال:(فإذا تهاون والد عن تعليم ولده في الكتاب بالأجر، لجهل وقبح ووضع حاله عن أهل القناعة والرضا)
فهذا فقيه في القرن الرابع الهجري ينادي بالتعليم الإلزامي، ويصور وسائله، ويضع شروط الجزاء للمتهاونين فيه!
والفرق بين الإلزام الذي يقول به وبين الإلزام في العصر الحاضر، هو أن الدولة هي التي تنفق على التعليم، وأن قوانينها تعاقب من يمتنع عن إرسال أبنائه بالحبس أو الغرامة، أما القابسي فيضع جزاء أدبياً هو التجهيل والتقبيح.
على أن نداء القابسي لم يتبدد، فقد وجد آذاناً صاغية من المحسنين والقادرين الذين حبسوا أموالهم على الكتاتيب ووقفوا لها الأوقاف، وبذلك ازدهرت حياة التعليم في القرنين الخامس والسادس.
فليذكر الذين يتأثرون خطى الغربيين ويأخذون بحضارتهم أن الإسلام نادى بالتعليم العام منذ ألف عام، في الوقت الذي كانت أوربا تعيش في التأخر والجهل
وليذكر الذين يعملون في مصر الآن على (مكافحة الأمية) تلك الصفحة المجيدة في حياة الإسلام، لعلها تفيد في رجع ما انقطع.