للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت له في سبيلك راشداً ... ولا تنس جسماً ليس بعدك يصلح

فيا روح قبّلني وصافح مُودِّعاً ... فأنيَ لا أدري متى لك ألمح

- ٤ -

نهارٌ لسيل النور فيه دفوق ... وليلٌ كأن النجم فيه خروق

ألوفٌ من الأكوان تقصو كأنها ... تريد أتساعاً بالفضاء يليق

وعند أفتكاري في الوجود كأنني ... أخوض خِضماً والخِضمُّ عميق

طريقي لإدراك الشؤون معّبدٌ ... ومالي لإدراك الوجود طريق

فيا نفس سيري في الفضاء طليقةً ... فلا شيء فيه للنفوس يعوق

لأنتِ شعاع طار من مستقرّه ... وكلُ شعاع بالبقاء خليق

تحيق المنايا بالجسوم كثيفة ... وأما بأرواحٍ فليس تحيق

- ٥ -

يقولون إن النفس حقٌ وجودُها ... فلا ينبغي إنكارها وجحودها

وبعد الردى تطوى السماء خفيفةً ... وإن بعدت في اللاتناهي حدودها

وما الجسم إلا دولة مستقلة ... لها حكُمها في أهلها وجنودها

وما أهلها إلا خلايا صغيرة ... وما النفس ذات الحول إلا عميدها

وما هي إلاّ ومضةُ من شعاعة ... فإن خلدت ما كان بدعاً خلودها

فقلتُ لهم هذا جميلٌ وعله ... خيالاتُ عقلٍ شاردٍ لا أريدها

ولم يكن الإنسان إلا أبن غابةٍ ... على فُجأةٍ قد أنجبته قرودها

- ٦ -

سيطفئ يأسي في المشيب حياتي ... وأذهب من نور إلى ظلمات

ويحملني صحبي إلى القبر إنني ... به بعد حين لست غيرَ رفات

تقَطَّعُ اوصالي وتبلى جوانحي ... وليس بوسعي أَن أبث ّشكاتي

وأجْملْ بأيام الصبِّا فهي لم تكن ... على الفم من دهري سوى بسمات

ولكن أيام الصبا قد تصرّمت ... ولم تبق ذكراها سوى الحسرات

<<  <  ج:
ص:  >  >>