للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفارقت أيامَ الشباب حميدةً ... وإن كَثرت في عهده عثراتي

قضيت شبابي مُطمئناً وبعده ... أتى الشيب منهوكاً من الشبهات

- ٧ -

من الموت مهما مضّ لستُ بخائف ... ولكن وراء الموت ماذا مصادفي

خضعتُ لعقلي في حياتيَ كلها ... وما كنت يوماً خاضعاً لعواطفي

وكنت إلى لمس الحقائق نازعاً ... أنزه سمعي من سماع السفاسف

تعذّبتُ عمراً من مخالفة الورى ... فيا ليتني قد كنت غيرَ مخالف

عجبت لجذعي كيف ظلّ مقاوماً ... فقد كان معروضاً لضرب العواطف

لقد قذفتني بالمسبات ثلّةٌ ... ولم أتجنّب شرَّ تلك القذائف

وكم شنّ ذو جهل على العلم غارة ... وكم كان ذبّي صادقاً في مواقفي

- ٨ -

تجمّع يرميني خميس عرمرم ... أأنكص كالمغلوب أم أتقدم

ولكنني اخترتُ التقدّمَ إنه ... لمن كان يستبقي الحياةَ لأسلم

وللعلم أنصارُ وللجهل مثلُها ... ولكن أنصار الجهالة أعظم

لقد حاربوني بالمسبّة والخنا ... وحاربتُهم بالعلم والعلُم مخذم

إذا كان ليلي قد تجهّم وجهُه ... فأن صباحي بعده يتبسّم

يقصّ عليك الشيخُ منهم خرافةً ... فتحسب أن الشيخ في النوم يحلم

تصرّم عهدُ الجهل في الغرب كله ... ولكنه في الشرق لا يتصرّم

(بغداد)

جميل صدقي الزهاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>