التطهير من العنصر الإسلامي. . وفي ألبانيا كذلك. . كل أرض مستها الشيوعية قد نزلت فيها النقمة على رؤوس المسلمين بشكل وحشي يروي الفارون منه أخباره وتفصيلاته، كما تروى أساطير الهمجية الأولى.
ولقد ذاق المسلمون من قبل على يد القيصرية الروسية ما ذاقوا باسم العصبية الدينية. . فأما اليوم فهم يذوقون الويل نفسه، بل أشد وأشنع ولكن باسم العصبية الشيوعية. . وهي في حقيقتها روح واحدة: الروح الصليبية التي لا تنساها أوربا أبداً، مهما تبدلت فيها النظم. . الروح الصليبية التي نطق باسمها المارشال (ألنبي) وهو يدخل بيت المقدس في الحرب العظمى الماضية فيقول: (الآن انتهت الحروب الصليبية) والتي ينطق باسمها الجنرال كاترو في دمشق سنة ١٩٤١ فيقول: (نحن أحفاد الصليبين، فمن لم يعجبه حكمنا فليرحل!) وينطق باسمها زميل له في الجزائر سنة ١٩٤٥ بنفس الألفاظ والمعاني. . إنها هي هي في أوربا كما هي في أمريكا، وكما هي في البلاد الشيوعية. . كلها تنضح من إناء واحد: إناء الحقد على الإسلام، والتعصب الصليبي الذميم. يضاف إليه تعصب الشيوعية ضد الأديان جميعاً. وضد الإسلام على وجه الخصوص.
ويتشدق أقوام هنا بالحرية الدينية في الكتلة الغربية، كما يموه أقوام بالحرية الدينية في الكتلة الشرقية. . وكلهم خادع أو مخدوع، والحوادث والوقائع تنطق بأن المسلمين غير مرحومين عند الغرب أو عند الشرق. . فكلاهما عدو غير راحم! إن الغرب الذي يمتص دماء المسلمين بالاستعمار القذر اللئيم. وإن الشرق لهو الذي يبيدهم إبادة منظمة تتولاها الدولة تحت شتى العناوين!
ويعرض علينا المخدوعون أو الخادعون أحياناً نصوص الدستور السوفييتي، ومادة فيه تنص على حرية الاعتقاد. . نعم لك حرية الاعتقاد في الاتحاد السوفييتي، على ألا تسلم لك بطاقة للتموين - وليس هنالك وسيلة غير هذه البطاقة لتحصل على الطعام والشراب والكساء - ولك أن تعبد الله إذن كما تحب، ولكن ليس لك أن تأكل من مخازن الدولة! وأنت وما تشاء: الموت جوعاً مع الله! أو الحياة الحيوانية مع ستالين!
إنه ليس الطريق أن ننضم إلى كتلة الغرب أو كتلة الشرق كلتاهما لنا عدو، وكلتاهما كارثة على البشرية، وعلى الروح الإنسانية. . لقد تكون الشيوعية في أرضها نعمة على أهلها،