ولقد تكون الديمقراطية في أرضها نعمة على أهلها. . ولكن هذه وتلك بلاء ونقمة على الشعوب الإسلامية. الاستعمار بلاء واقع يجب كفاحه وإجلاؤه. والشيوعية بلاء واقع كذلك على ملايين المسلمين الواقعين في براثنه. والوطن الإسلامي كله وحدة، ومن اعتدى على مسلم واحد، فقد اعتدى على المسلمين أجمعين.
إنه ليس الطريق أن نلقي بأنفسنا إلى التهلكة هنا أو هناك؛ فلقد حارب الاستعمار الغربي كل مقوم حقيقي من مقومات الإسلام، وإن تظاهر بالإبقاء على المظاهر المموهة التي لا تقاومه ولا تكافحه. . وحينما اجتمع مؤتمر جميع المبشرين في جبل الزيتون بفلسطين عام ١٩٠٩ وقف مقرر المؤتمر ليقول: إن جهود التبشير الغربية في خلال مائة عام قد فشلت فشلا ذريعاً في العالم الإسلامي لأنه لم ينتقل من الإسلام إلى المسيحية إلا واحد من اثنين: إما قاصر خضع بوسائل الإغراء بالإكراه، وإما معدم تقطعت به أسباب الرزق فجاءنا مكرهاً ليعيش. وهنا وقف القس زويمر المعروف للمصريين ليقول: كلا! إن هذا الكلام يدل على أن المبشرين لا يعرفون حقيقة مهمتهم في العالم الإسلامي. أنه ليس من مهمتنا أن نخرج المسلمين من الإسلام إلى المسيحية. كلا! إنما كل مهمتنا أن نخرجهم من الإسلام فحسب، وأن نجعلهم ذلولين لتعاليمنا ونفوذنا وأفكارنا. ولقد نجحنا في هذا نجاحا كاملا؛ فكل من تخرج من مدارسنا، لا مدراس الإرساليات فحسب، ولكن المدارس الحكومية والأهلية التي تتبع المناهج التي وضعناها بأيدينا وأيدي من ربيناهم من رجال التعليم. . كل من تخرج في هذه المدارس خرج من الإسلام بالفعل وإن لم يخرج بالاسم. وأصبح عوناً لنا في سياستنا دون أن يشعر، أو أصبح مأموناً علينا ولا خطر علينا منه!. . لقد نجحنا نجاحا منقطع النظير. .
هذا موقف الكتلة الغربية. فأما الكتلة الشرقية، فقد اختارت الإفناء المنظم، والإبادة الوحشية بمعرفة الدولة، وما تزال ماضية في طريقها لمحو الإسلام والمسلمين!
إن طريقنا واضح. طريقنا الوحيد أن نمضي في تكتل إسلامي، هو وحده الذي يضمن لنا البقاء، ويضمن لنا الكرامة، ويضمن لنا الخلاص من الاستعمار وأذنابه وأوضاعه، كما يضمن لنا أن نقف سدا في وجه التيار الشيوعي المهلك المبيد.
والتكتل الإسلامي لا يعني التعصب في أي معنى من معانيه. . إن الإسلام هو الضمانة