العربي المسنون، وقده السمهري الممشوق، ورشاقته الرياضية البارعة، فيسلم عليك ويتحدث اليك، ثم يتعهد المكان ويتعرف العمل، ويودعك بابتسامته الرقيقة، وملحوظته الدقيقة!
ودعا مرة مؤتمر المعلمين العراقيين إلى الشاي في حديقة قصره، فكان يجلس إلى كل منضدة من المناضد الكثيرة جلسة يفاكه أهلها بحلو الحديث، ويناقشهم في وجوه الاصلاح، ثم خطبهم في شؤون التعليم خطبة جامعة تمنى في سياقها أن يكون معلما مع المعلمين يؤدي إلى الأمة هذا الواجب المقدس. وفي صباح أحد الأيام غدا على المدرسة المأمونية الابتدائية فقضى ردحا من الزمن فيها، ثم سجل اسمه في ثبت مدرسيها! كان الملك فيصل في العراق ملك دولة، ورئيس حكومة، وزعيم أمة، وهو في الأقطار العربية مؤسس نهضة، وممثل فكرة، ورسول وحدة، وداعية سلام، ومعقد أمل! فإذا هفت النفوس جزعا لفقده، واستولى على العرب الوجوم والحيرة من بعده، فان في منطق الحوادث وطبيعة الأمور ما يسوغ هذا الجزع ويعلل هذه الحيرة. ألهم الله الأمة العربية على جلالة ملكها فيصل أجمل الصبر، وجعل لها في جلالة ملكها غازي خير العوض!