ندرتهن في الآداب العالمية. فأين هن أولئك الشواعر الكثيرات المجيدات؟
لا يزدن على الأربع أو الخمس عدًّا في آداب العالم من قديمها وحديثها. وفي إجادتهن للشعر مع هذا شك كثير يطول فيه الخلاف، وإن بطل الخلاف في إجادتهن فأيسر الأشياء أن ترد هذه الإجادة إلى شذوذ في بعضهن يلحقهن بالرجال، ولا يقصرهن على طبائع النساء
ونحن نقول إن علة القصور الذي يلاحظ على المرأة في ميدان الشعر أنها لا تحسن الابتكار والإنشاء حتى في صناعاتها الخاصة بها كالطهي وصناعة الأكسية والزينة. فمن شك في ذلك فعليه أن يقول لا: بل تحسن المرأة هذه الصناعات ولهذا تتقدم الطاهيات على الطهاة، وتتقدم مخترعات الأزياء على مخترعيها، وتتقدم المشتغلات بالتجميل على المشتغلين به، ولا سيما في العصر الحديث
فهل يقول ذلك القول أحدٌ وله سند من الواقع الذي نراه كل يوم؟
إن الواقع الذي نراه كل يوم هو أن الطهاة المقتدرين أكثر جداً من الطاهيات المقتدرات، وإن اختراع الرجال للأزياء وأدوات الزينة أكثر جداً من اختراع النساء، وإن معاهد التجميل لا تعتمد على فنون النساء كما تعتمد على فنون الرجال. ولو انعكس الأمر لما كان عجباً للوهلة الأولى مع المتبادر إلى الأذهان من اختصاص المرأة بهذه الصناعات.
ونحن نقول إن الشعر أساسه الغزل، وإن الغزل من عمل الرجل وليس من عمل المرأة. لأن المرأة خلقت مطلوبة تستمع النداء فتجيبه، وسنتها هذه هي السنة التي تجري عليها جميع الذكور في أنواع الحيوان حين تسترعي أسماع الإناث بالغناء أو الهتاف والنداء
فمن شك في ذلك فسبيله أن يقول لا: بل هناك باب من الشعر هو أحق من الغزل بأن يكون أساساً للشعر كله، وهو أقرب إلى ملكات المرأة منه إلى ملكات الرجل
وسبيله أيضاً أن يقول لا: بل الإناث هي التي تدعو الذكور وليست الذكور هي التي تدعو الإناث
فأما والقول بذلك بعيد التصديق بعيد المرجع والبرهان فليكن الواقع إذن عمدتنا من نصيب المرأة من الفنون، ولا يكن عمدتنا الفرض والظن والجدل الذي يحيط بالفروض والظنون
والواقع ينتهي بنا إلى حصر الفن الأنثوي في مجالين اثنين نصيبهما من التقليد والمحاكاة