طاهراً، يراقب ربه، ويعمل جاهداً لرفعه وطنه ودينه، وتعاونت معها الصحف والمجلات في رفعة أناس لا يستحقون غير الضعة والهوان، فكانت الجرائد اليومية تظهر مكدسة بصورهم الضخمة، ومتخمة بالأكاذيب الفاضحة تختلق اختلاقاً، عن مرؤتهم وفضائلهم في كل ذكرى تمر، أو مناسبة تحين، اجل! كانت الكتب المدرسية، والصحافة الخادعة تقوم بمجهودها الفاشل في هذا المضمار، والمعلم من وراء ذلك كله يقف بين تلاميذه ليدحض الأكاذيب المنمقة، ويميط اللثام عن الحقائق الفاضحة، حتى سطع الحق في الأذهان وضيئاً لامعاً، وعرف كل مصري تاريخ بلاده، كما كان لا كما أريد له أن يكون، وأمامك الثورة العرابية، مثال صدق لما نقول، فقد تواطأت الأقلامالآثمة، على إبراز زعيمها المجاهد في صورة المبهور الجاهل، الذي لا يقدر العواقب، ولا يتبصر الامور، واجتهدت الصحافة المتملقة في إخفاء كل مقال يكشف وجه الحق في هذه الثورة الشعبية المجيدة، فإذا حانت مناسبة ملحة للحديث عنها وجدت ضروبا بشعة من التلفيق والتضليل، ورغم ذلك كله فقد استطاع المعلم أن ينشئ أجيال متعاقبة تهيم بعرابي الخالد، وترى فيه رمز البطولة والتضحية والإيمان، وجاءت حركة الجيش المباركة فأتاحت لهذه العواطف المشبوبة نحوه أن تجد متنفساً على الأوراق ـوبين أمواج الاثير، فانطلقت الأقلام في الصحف، وانبعثت الأصوات في الإذاعة، تهتف بذكرى عرابي الخالد، وترتفع به إلى أوج البطولة والتقديس.
لقد أدى المعلم في العهد البائد المنصرم، وبقي عليه في عهد التحرير واجب شاق مرير، فهو مطالب بان ينشئ الأجيال القادمة على حب الحرية والعزة والاستقلال، ومكلف أن يحمي الأذهان الغضة مما يغيم في سمائها من الأباطيل، إذ أن حركة الجيش المباركة تصطدم في وثوبها بمن يروجون الإشاعات المغرضة، ويرجفون بالمفتريات الخادعة، فقد دأبت الرأسمالية الحاقدة على نشر السموم في كل مكان، وانحاز إليها فريق من ذوى الأغراض الخبيثة كالمحتكرين من التجار، والمطرودين عن مناصبهم اللامعة لما علق بهم من الشبه، والمآثم، وهؤلاء وأشباههم يتأوهون في مضاجعهم حسرة على ما انتهوا إليه من مذلة وهوان، ويحاولون الثار فلا يجدون غير الإشاعات والمفتريات، وان من المؤسف اللاذع انه يجدوا آذاناً تسمع، ونفوساً تصدق! ولو لم يكن ذلك: ما استطاع إقطاعي آثم في مغاغة، أن يقود شرذمة من الجهلة والرعاع، وليعلن عصيانه وطغيانه على رؤوس