١٩٣٤ وكان يشاركنا في الجلسة فؤاد باشا الخطيب، الشاعر الأديب
ودار الحديث عن تركيا وحالتها السياسية والاقتصادية، وقد حاول الملك الراحل أن يجعل الحديث بالتركية، فاعتذرت بقلة بضاعتي فيها. ولما تحدثت كنت أتكلم بصراحة تامة: إذ كانت تعاليم الثورة الكمالية وأهدافها نبراساً أسير في هداه، وكانت كلمات الأتاتورك مصطفى كمال لا تزال ترن في أذني وتحرك نفسي، وكنت أؤمل في شيء واحد أن أعيش وأكافح لأرى مصر قد حققت استقلالها التام وحطمت قيودها التي تحول دون تقدمها، ولذلك تحمس فؤاد الخطيب باشا وأنشد (السيف أصدق أنباء من الكتب. . .)
وكنت أمضيت خمسة أعوام أقرأ عن أحوال الدولة العثمانية وعوامل تأخرها وعلة تفككها، فجئت من أطراف الأناضول: إلى قيصرية - الوقيشلة - بوزانتي فوزي باشا - حلب - حماة - حمص - دمشق. هناك حيث تقوم فرنسا بانتدابها، لأكتشف في نهاية سوريا الجنوبية جزءاً صغيراً من الأرض يمثل أثراً حياً من آثار الدولة العثمانية - تلك هي دولة شرق الأردن - لقد كنت أقول لنفسي أفي حلم أنا أم في يقظة؟ للآن ما هو الأثر الذي تركته في نفس الملك عبد الله، إذ لا بد أنه قال هذا شاب قد افتقدته المدينة الكثير. ولكن تحمس فؤاد الخطيب باشا جعله ينقل الحديث لناحية أخرى ويوجه إلى السؤال الآتي: هل تقدر الجمال التركي؟ والحقيقة أنى لم أشغل نفسي كثيراً بالجمال التركي أو المصري أو الشامي حتى أجيب على مثل هذا السؤال؛ لأن المرأة في الشرق قد تلقت الكثير من المديح في الصحف والمجتمعات وعلى السنة القادمة لدرجة أنه أصبح من الخطر مواجهة الرأي العام بأفكار لا تتفق مع الدعاية القائمة في صالحها، وأن كنت من أنصار تحريرها، ولذلك أجبت العاهل العربي بجملة غريبة قلت له (يجب أن تنتظر جيلاً جديداً حتى تحكم على جمال المرأة التركية). ففهم أنني لا أعير المرأة اهتماماً كبيراً في نظرتي إلى الحياة. . وأن كنت أعد أولى واجبات الدولة إعداد جيل قوي من النساء القادرات على زيادة النسل؛ بشرط أن يكون الجيل قوياً. . زيادة تستحق الأمة أن تكون بها موضع احترام الأمم الأخرى
والحقيقة التي لم أشأ أن أبوح بها، وكانت تدور بمخيلتي ساعتئذ، هي انحطاط الأمم الشرقية والإسلامية يعود إلى ضعف المرأة جسمياً وعقلياً، ولكنني لم أشأ أن أثير مشكلة