ولقد استعمل المسجد آناً كملجأ للمغاربة، وأخرى كمخزن لحفظ القمح، وفي عهد الملك السعيد أقام المأتم بمناسبة مرور السنة الأولى على وفاة والده الشهيد الملك الظاهر، فكان جامع ابن طولون من المساجد التي اجتمع فيها الناس للعزاء آلافا.
ولو شئنا أن نعود إلى ما ذكرنا من كتب التاريخ رأينا أنه صلى في هذا المسجد على بعض من مات من خلفاء العباسيين بالقاهرة الذي لا تزال قبورهم محفوظة بجوار السيدة نفيسة، وكان آخرهم المتوكل على الله يعقوب الذي توفي في آخر عهد السلطان الغوري.
ثم بدأ عهد تدهور للمسجد حتى وصل إلى درجة خيف من سقوط سقفه، وجار الناس على أطرافه حتى أصبحت المنازل تطل عليه، وأخيراً توجهت إرادة المغفور له ملك مصر فؤاد الأول لإقامة الشعائر الدينية في الجامع، فصلى فيه صلاة الجماعة يوم الجمعة ٢٣ رجب سنة ١٣٣٦
ثم صدر النطق الكريم بوضع برنامج لإصلاح الجامع وتبليط الأروقة وتجديد البوائك التي اندثرت، وإصلاح الطاقات، ثم أعقب ذلك نزع ملكية المباني التي شغلت جزءاً من الأروقة المحيطة به حتى يصبح المسجد خالياً من جهاته الأربع في وسط ميدان عرضه من كل جهة عشرون متراً غير الميادين التي ستفتح أمام أبوابه
وفي سنة ١٩٢٦ فتحت الحكومة اعتماداً قدره ٤٥ ألف جنيه مصري، ثم أعقبها بأخرى؛ فكان ما صرف على إعادة المسجد مبلغ ٩٠ ألف جنيه مصري
والآن وقد تمت هذه الإصلاحات للجامع الطولوني، فقد ظهر أهم الآثار العربية بالديار المصرية وأقدمها بمعالمه الحقة وأعيدت إليه الشعائر الدينية، وأدعو كل من قرأ هذه الكلمة إلى زيارته كلما توجه إلى مصر، فهو أثر خالد لا تشبع العيون من رؤيته، وفي العام الماضي من أوائل المحرم، وقد خرجت من المسجد بعد صلاة الجمعة، وتقدمت من الخطيب. قلت: ألا تذكر صاحب الصرح العظيم بكلمة. قال: إن شاء الله سأجعل في كلامي كل يوم جمعة رحمة، أسأل الله أن تنزل على الأمير العظيم في مرقده.
وإني لأختم كلمتي بترديد شعر للمعتمد العباسي يرثي صاحب المسجد: