الفصل الجديد من حياتها، متعهدة براعم الأمل والمجد في نهضتها، ساعية إلى ازدهار ثقافتها ازدهاراً عامراً بهيجاً
الربيع يزف إلى الأرض رسالته، ووست هول اليوم كما في الأمس وفي الغد، يؤدي إلى المجتمع رسالته، و (العروة الوثقى) تواصل العالم العربي برسالتها، فماذا ترى تكون رسالة الأديب إلى الحياة العربية؟
أيها السادة والسيدات:
إذا نحن تنحينا في بحثنا عن الرسالة المثلى، رسالة الأنبياء، وجدنا أن الرسالة في معناها الضيق هي الصفحة التي يكتب فيها الكلام المرسل؛ بيد أن معنى الرسالة أرحب من ذلك وأشمل، إذ لكل فرد، وكل كائن، وكل شئ، رسالته في معرض الوجود: فالشمس تؤدي رسالتها نوراً وحياة والزهرة تؤدي رسالتها عطراً ووسامة، والجبال والوهاد تؤدي رسالتها تبياناً لطبقات الأرض وتنوع الخليقة، والمروج والسهول تؤدي رسالتها خصباً وغذاء، والسبل تؤدي رسالة الحركة والانتقال، والانتقال يؤدي رسالة الأخذ والعطاء والتعاون المتبادل بين الأحياء
ولكل جمهرة من الناس في كل بقعة من بقاع الأرض شؤون عدة، إذا ما عولجت واستثمرت ونظمت وحسن التصرف فيها، أصبحت تلك الجمهرة شعباً فأمة، وصارت تلك البقعة بلداً فدولة، وفي كل بلد صناعة، وتجارة، وعمارة، وميكانيكا، وإدارة، وقوانين
ولكل أمة عادات وتقاليد وتاريخ وتربية وحكمة وثقافة وآداب وفنون. الشؤون المحسوسة، على تعددها وعلى ما بينها من فروق، متشابهة واحدة في كل قطر؛ وأخص خصائص الوحدة والتشابه نجده في التقدم العلمي والميكانيكي، وفي الحضارة الآلية السائدة في كل مكان
ترى ما هو الفرق بين مخاطب بالتلفون، ومخاطب بالتلفون؟ بين مستمع إلى إذاعة راديو، ومستمع إلى إذاعة راديو؟ وبين راكب دراجة أو سيارة أو طيارة، وراكب دراجة أو سيارة أو طيارة؟ ليس من فرق بينهما من حيث الخدمة التي تؤديها الآلة. أجل، ثمة فرق في الغرض الذي نستخدم له الآلة؛ وهذا ليس موضوع البحث؛ إنما الفرق كل الفرق في الشخصية التي تستعمل الآلة؛ والشخصية لا تتكون إلا من العوامل الأدبية: التاريخ،