أنْهُري=وأوحيتُ نجواها إلى هضباتي
وأسكرتُها بالراحِ من كأسِ كرمةٍ ... شهدتُ بها مَسّاً من السَّكَرَات
فيا بحرُ. . . قل يا بحرُ ما أنت قائلٌ ... فقد فاض بي بحرٌ من الكلمات
وقد طال إغفالي جمالي وزينتي ... وقد طالَ بي صمتي وطال سُبَاتي
أنا الأرض للإنسانِ أُرْسِلْتُ جَنَّةً ... عليَّ سلامُ اللهِ طولَ حياتي
وكنتُ لخلقِ الله مرعى ومسرحاً ... وما ضِقتُ بالأنعام والحشرات
فلا نملةُ تشقى إذا طاب سعيها ... ولا طائرٌ إلا يُصِيبُ فَتاتي
ولا دودةٌ مكنونةٌ وسط صخرةٍ ... ولا هائمٌ في البيد والفَلَوات
لكلٍّ نصيبٌ منْ ترابي وأنْعُمي ... وكلٌّ له حظٌّ من النَّسمات
وكلٌّ يناديني بيا أمَّ إن شكا ... فأغمره بالحبِّ والدَّعَوَات
وأشرحُ صدري للذي ضاق صدره ... وأعتنق المكدودَ بالقُبُلات
وأسكُبُ دمعي أن أبى المُزُنْ أدْمُعاً ... وأُرْسِلُ في لحن الصَّبا زفراتي
فَهُنَّ وَدِيعاتٌ عليَّ عزيزةٌ ... وَصَوْنُ وديعاتِ الإله صلاتي
فإن غربت شمسُ الحياةِ فإنني ... أشَيِّعُ أبنائي إلى الظُّلُمات
وأنشُرُ من فوقِ التّرابِ عليهمُ ... رداءً من الأعشابِ والزَّهَرات
ترابي ومائي فيهما كلُّ زينتي ... وكلُّ أفانيني وكلُّ هِبَاتي
وإنك تُلْقي جوهر الترب وِاحداً ... ويونع بالأثمار مُختلفات
فآلافُ آلافٍ من الزهر والغضا ... وآلافُ آلافٍ من الثمرات
تفيض بها أرحامُ تربٍ رحيمةٌ ... ويُرضِعها التَّهْتَانُ بالقطرات
ولي ريشةٌ في فنَّها عبقرَّيةٌ ... تُكَوِّنُ أزهاري بماء حياتي
وما طَرَّبي نبتٌ ولا هاجَ يابِسٌ ... ولا جَفَّ قِطْمِيرٌ بِشِقِّ نواةِ
ولا حملت حُبْلَى ولا خفَّ حملها ... ولا دَبَّ مسجونٌ من اليَرَقات
ولا سَقْسَق العصفورُ والطلُّ بارقٌ ... ولا هاجرت طيرٌ إلى القَمَرَات
ولا حَلق النَّسْر الكُميْتُ مُصَفِّراً ... ولا أنقض مسعُوراً على الوُكُنات
ولا أطبقَتْ أنيابُ لَيْثٍ غَضَنْفَرٍ ... على رَشَأٍ من ساكني الأَجَماتِ