يقبض على زمام شئونها ويسيرها رجال السياسة وإنما أمور الدولة في أيدي الموظفين ورجال الدواوين والإدارة، وأصحاب الصناعات والتجارة. هؤلاء هم ذوو الخطر والشأن في أمور الدولة. أما رجال السياسة فمعظمهم كخطباء المسارح يقولون ما لا يفعلون
أفلاطون: الحقيقة أن الأمر تشابه علي، ولست أدري أين أنا من رأيك. إنكم لا تنتخبون رجال الإدارة أو الموظفين ورجال الدواوين، ولا تنتخبون الصناع والتجار ورجال الأعمال، أتنتخبونهم!؟
المربي: كلا، لا يحدث هذا
أفلاطون: ومع هذا تقول لي أن هؤلاء الرجال هم ذوو الشأن والخطر في نظام حكمكم الديمقراطي، وإن السياسيين ما هم إلا خطباء مسارح! فإذا كان الأمر كما تقول فكيف تزعمون أنكم تتمتعون بالحرية السياسية، وأن لكم إشرافاً على شئون الدولة وأمور السياسة؟ يجب أن أعترف بمعجزي عن فهم هذا الموضوع! كأني بك تقرر أن مؤسساتكم الديمقراطية، ومجالسكم النيابية ما هي إلا صورة ومظهر فقط، ولكن من ورائها يعمل رجال الدواوين والإدارة بحكمة وجد. إنني أعتقد بوجاهة هذا النظام، وأرى الآن كيف أن التربية عندكم لا ترمي لإعداد الساسة والحكام، ولكن لتخريج الكفايات - من الرجال والنساء - القادرة على أداء مهمتها ووظيفتها بإخلاص تحدوها المصلحة العامة، مصلحة الشعب. فإذا كان الأمر هكذا فلتعلنه بصراحة، ولُتلغ ما ذكرته من أن التربية عندكم إن هي إلا تجربة في الحكم الذاتي للشعب، لأن من الواضح أنه ما دامت التربية هي إعداد الأفراد للمهن المختلفة والوظائف التي يصلحون لها، فأنواع التربية تختلف حتماً باختلاف الإعداد