فدعنا نشرح الآن في بحث ما إذا كانت التربية الجامعية قادرة على إعداد هذه الطبقة من الحكام، أموافق؟
المربي: أظن أنك تتوقع مني الإجابة (بنعم) ما دامت نظريتك هذه مبنية على المبادئ التي في (الجمهورية)
أفلاطون: لقد سررت كثيراً حينما عرفت أن التعليم الجامعي عندكم يشمل ناحتين: ناحية البحث العلمي الحر، وناحية الثقافة العامة، وحينما وجدت أنكم في الجامعات تعتنون بالمسائل المعنوية النظرية كجزء ضروري في التعليم الصحيح، ولكني أسفت حينما سمعتك تقول: إن خريجي الجامعات لا يعتبرون عندنا ساسة قديرين، ولعل السبب في هذا هو أن معظم الشبان الذين يدرسون في جامعاتكم لا يهمهم أن يعدوا أنفسهم لمهنة السياسة والحكم، ولكنهم يعدون أنفسهم لمهنة تجارية أو صناعية أو كتابية، يستطعيون بها كسب قوتهم ومعاشهم. فإذا كان الأمر كذلك فإن جامعاتكم لا تحتفظ بتلك المبادئ التي قررتها أنا في أكادميَّ ولكنها قد أصبحت مدارس فنية عليا لإنتاج الصناع وذوي المهن المهرة، الذين يظلون دائماً بعيدين عن ميدان السياسة والحكم، ذوي المهن الذين همهم محصور في الطاحونة أو دواوين أعمالهم، ولا يعنيهم من أمر السياسة الدولية العليا وشئونها شيء
المربي: ربما يكون صحيحاً أن جامعاتنا قد أصبحت مدارس فنية عليا، لأننا لا نعتبرها مجرد معاهد لتخريج الساسة ورجال الحكم. كما أننا لا نحظر الالتحاق بها على أي فرد - رجلاً كان أو امرأة - عنده الاستعداد للبحث العلمي، أو يريد ثقافة عامة. إننا نريد أن يكون لكل فرد يلتحق بالجامعة حرية اختيار المادة التي يتعلمها والمنهاج الذي يتخذه، لا أن نزج بهم جميعاً في حلبة السياسة
أفلاطون: أفهم من حديثك هذا أنكم واثقون بساستكم الحاليين مطمئنون إلى خططهم، وإلا لما كنتم تتركون أبناءكم يختار كل منهم منهاج الدراسة الذي يريده. ونتيجة هذا هي أن خيرة أبنائكم ذكاء قد أقبلوا على دراسة ما يميلون إليه، وانصرفوا عن تحمل تبعات الحياة التي يفرضها عليهم ذكائهم، فنراهم مغرمين بمزاولة أشياء لا أثر لها في تقدم مصلحة الشعب العامة
المربي: يخيل إلي أن فكرتك عن أهمية رجال السياسة ضخمة ضخامة الطبل. إن الدولة لا