للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المربي: يظهر أنه من المستحيل على أن أبحث أمور التربية مع رجل مثلك يضحي بأية فكرة في سبيل صحة القضايا المنطقية. إن نظام التربية عندنا في إنجلترا ليس منطقياً، لأنه نما نمواً تاريخياً على أسس رسخ أصلها في الماضي. فهو مملوء بالمتناقضات والغموض، لا لسبب إلا لأنه نشأ وتطور بحسب الحاجة والمناسبات المختلفة المعقدة. فليس نظام التربية عندنا من صنع أفراد مستبدين

أفلاطون: إن ما تقول لجائز. ولكن يجب أن تكون ثمة مبادئ ثابتة تسيرون عليها في إصلاحاتكم التعليمية، ومناهجكم التربوية، وحين تقررون خطوات الإصلاح الاجتماعي. هذه المبادئ الثابتة هي التي أحاول استيضاحها الآن في محاورتنا هذه. إن صحة المنطق واستقامته ليستا عيباً حتى ولو كان محاوري إنجليزياً! وإنني أعتقد أن عدم استطاعتك أن تجيب عن أسئلتي البسيطة دليل على عدم وضوح غايات التربية عندكم. فبالرغم من أنكم لن تقرروا بعدُ لمَ يربَّي الشعب ولم يُعلَّم، أراكم دائبين على افتتاح مدارس جديدة، ومطالبين البرلمان بمد أجل التعليم الإجباري إلى الخامسة عشرة بدلاً من الرابعة عشرة

دعني إذا أشرح لك الأمر بوضوح أكثر. هناك نوع من التربية يسمى التربية المهنية أو الفنية، أليس كذلك؟ ونعني بهذه التربية إعداد الفرد لمهنة خاصة أو حرفة

المربي: نعم

أفلاطون: وكنتيجة لهذه المقدمة المنطقية أعتقد أنه من الممكن أن تحكم على كل أنواع التربية بأنها فنية مهنية، لأن كل إنسان لا يخلو من أن يكون صالحاً بطبيعته لمهنة من المهن التي يمكن أن يتعلمها ويحذقها بالتربية؛ فالمزارع يمكن أن يتعلم الزراعة، والبناء يمكن أن يتعلم البناية وهكذا. وقد اعترفت أنت في حديثك أن الحكم مهنة من المهن، أفلا يكون من المعقول أن يوجد نوع من التربية بمكن الفرد من التمرن على فن الحكم وإجادته؟ فما رأيك؟

المربي: ربما

أفلاطون: إنني أعتبر (ربما) هذه دليلاً على أن ناحية التعقل عندك - لو لم يشبها التحيز والتعصب للرأي - تميل إلى قبول وجهة نظري. وما دمت توافق على أن هناك نوعاً من التربية، أو بعبارة أخرى أضبط يمكن أن يوجد نوع من التربية يعد طبقة الحكام ويكونهم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>