الفرص التي تفسح له طريق التعليم الجامعي أن كان عنده الاستعداد العقلي لذلك
أفلاطون: واضح كل هذا. أنت تريد تعطي كل فرد في المجتمع مجالاً ليتعلم، وليتخذ المهنة التي يصلح لها بمواهبه الفطرية، وتقصر التعليم الجامعي على ذوي الاستعداد العقلي، والذين يمكنهم الإفادة منه؟
المربي: أجل هذه هي غايتنا. وقد استطعنا - بوضع هذه الغاية نصب أعيننا - أن نبني نظام التربية في بلادنا على شكل هرمي؛ يكون التعليم الأولى قاعدته؛ وعليها يرتكز التعليم الثانوي، أما التعليم الجامعي العالي فيكون القمة
أفلاطون: وهل تُعُدُّون الذين لم ينالوا التعليم الجامعي كاملي التربية؟
المربي: لا أظن ذلك
أفلاطون: فكيف إذا يجوز لكم أن تخولوا هذا الذي لم يُتْمم التعليم الجامعي أن ينتخب الممثل النيابي، وأن يكون له رأي في شئون الأمة وسياستها، على حين أنك أنت تقرر أنه غير قادر على ذلك؟ فإذا كان السواد الأعظم من النشء لا يعدو مرحلة التعليم الأولي والثانوي، ولا ينال أي حظٍ من التعليم الجامعي فإنه من البين أن هذا الشعب الذي يمثله سواده الأعظم يجب ألا يتحمل أمانة الحكم الثقيلة ويجب أن يترك سلطة الحكم والسياسة في أيدي من ينجحون بتفوق في الامتحانات الجامعية من الرجال والنساء
المربي: حقاً إن هذا لصحيح من الناحية النظرية، غير أنا - معشر الإنجليز - لا نعتقد أن الدرجات العلمية والجامعية هي المؤهلات الوحيدة لتحمل أمانة الحكم وتبعة السياسة. والواقع أننا نجد معظم الجامعيين من الأساتذة والعلماء على نصيب قليل من الدربة السياسية، والدراية بطرق الحكم، إذا قسناهم بهؤلاء الذين تخرجوا في جامعة الحياة اليومية
أفلاطون: إذا كنتم تعتقدون في جامعة الحياة اليومية وإعدادها، فلماذا إذا أسستم الجامعات، ولم تتركوا الأمر للعناية السماوية أو لظروف الحياة (أيهما تختار) لإعداد حكامكم وتكوينهم؟ وإذا كنتم لا تعتقدون أن التربية تستطيع أن تنشئ الفرد وتسويه وتخلق منه شخصاً آخر أصلح من ذي قبل لمهنته في الحياة، سواء أكانت الصِّرافة أم التجارة أم الحكم، إذا كنتم لا تعتقدون هذا فنصيحتي لكم أن تضربوا بمشروعات التربية عرض الحائط، وأن تتركوا الأمر لظروف الحياة والقدر