حالة ما إذا كان النشوز واقعاً من الزوج نفسهن وقد خاطب الله بهذا العلاج الأخير جماعة المسلمين تركيزاً لما يجب أن يكون بينهم من التكافل على حفظ الأسر والبيوت. وعلى الحكام أن يقوموا بمثل هذا الواجب نيابة عن جماعة المسلمين.
وطلبت الآية أن يكون الحكمان في هذا الشأن من أهل الزوجين؛ وذلك نظراً إلى أن الشأن في الأهل أن يكونوا أدرى الناس بأحوال الزوجين وأحرصهم على سعادتهما، وأقدرهم على التأثير في نفوسهما، وأحفظهم لما قد يجدون بينهما من أسرار.
وإنك لتجد كل هذا في قوله تعالى من هذه السورة (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن الله كان علياً كبيراً، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما أن الله كان عليماً خبيراً).
وبعد: فهذه صفحات النساء في القرآن الكريم أقدمها للقراء إجمالاً وتفصيلاً، وهي صفحات كما نرى ويرى كل ناظر فيها، بيضاء نقية تبسط ظل السعادة والهناءة على الحياة الزوجية، وتكون أسرة قوية فاضلة، وتبني مجتمعاً صالحاً يخوض غمار الحياة بقواه الذاتية وشعوره النفسي الدقيق. ولقد كان بودي أن أبسط القول في شرح تلك الصفحات الإلهية ولن الإنسان في هذه الحياة مسخر لسلطان الظروف، وحسب من يريد الحق هذا الإرشاد، وكتاب الله قائم بين أيدينا ميسر للذكر والنظر فليرجع إليه من شاء والله ولي التوفيق والهداية.