عليها من حقوق الزوجية. وليست تلك الدرجة بدرجة الاستعباد والتسخير كما يصورها المخادعون المغرضون، وذلك في قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
١٠ - قد أرشدت السورة بعد هذا إلى أن النساء أمام هذه الرياسة منهن صالحات، ومنهن غير صالحات، وأن من شأن الصالحات القنوت وهو السكون، والطاعة لله فيما أمر به، ومنه القيام بحقوق الزوجية والرياسة المنزلية، والاحتفاظ بالأسرار التي لا ينبغي أن يطلع عليها أحد غير الزوجين، وأن هذا الصنف من الزوجات ليس للرجال عليهن شيء من سلطان التأديب.
أما غير الصالحات، وهن اللاتي يحاولن الخروج عن حقوق الزوجية ويحاولن الترفع والنشوز عن مركز الرياسة، بل على ما تقتضيه فطرهن، فيعرضن بذلك الحياة الزوجية للتدهور والانحلال - فقد وضعت السورة لردعهن وإصلاحهن وردهن إلى مكانتهن الطبيعية والمنزلية طريقين واضحين: وكلت إحداهما إلى الرجل بحكم الإشراف والرياسة، وهو أن يعالجها بأنواع من العلاج لكل صنف من النساء ما يليق به، ويكفي في ردعه، وهي الوعظ والهجر والضرب، فالتي يكفيها الوعظ بالقول لا يستعمل معها الهجر والضرب، والتي يصلحها الهجر لا يتهاون في جانبها بالوقوف عند حد القول والوعظ ولا يسرف فيصل به الأمر إلى حد الضرب. وهناك صنف من النساء في بعض البيئات لا تؤثر فيه الموعظة ولا يكترث بالهجران ولا يصلحه إلا نوع من التأديب المادي. وقد جعل الله الضرب آخر الوسائل التأديبية إشارة إلى أنه لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة، وقد أساء المتحضرون من أبناء المسلمين أنفسهم فهم هذا النوع من التأديب وجعلوه نوعاً من الطغيان الذي لا يتفق وكرامة الزوجة، وهم في الواقع يتملقون عواطف المرأة، ويتظاهرون بالحرص على مصلحتها وكرامتها، ونحن نسائل المرأة العاقلة: أي الأمرين أحفظ لحياة الزوجة؟ أأن تنال بشيء من العقوبة عند نشوزها فيردها إلى صوابها؟ أم تترك لتسترسل في نشوزها فتهدم بيتها وسعادتها وتشرد أطفالها؟
أما الطريق الثاني فهو التحكيم وجاءت آيته بعد آية الطريق الأول للإشارة إلى أنه إنما يكون في حالة عجز الرجل عن لعلاج وعند تطور الحالة من النشوز إلى الشقاق، وفي