مقدمة على سيئة السمعة. وفي هذا إيحاء قوي إلى النساء بأن يعملن جهدهن على تحسين سمعتهن وتحليهن بالأخلاق الفاضلة التي ترغب فيهن الأزواج، ولعل ما اتخذته الفتاة لنفسها من حرية واسعة في هذه الأيام كان له نصيب كبير فيما نرى من أزمة الزواج، فعلى الفتاة أن تتدبر في أمرها، وعليها وحدها أن تحل تلك الأزمة إن أرادت لنفسها الخير والسعادة.
٧ - وأفرغت السورة على عقد الزواج صبغة كريمة أخرجته عن أن يكون عقد تمليك كعقد البيع والإجارة، أو نوعاً من الاسترقاق والأسر كما كانت المرأة قبل الإسلام عند العرب وغيرهم وسمته (ميثاقاً غليظاً) ولهذا التعبير قيمته في الإيحاء بمعاني الحفظ والرحمة والمودة، فالزواج في نظر القرآن عهد شريف وميثاق غليظ ترتبط به القلوب وتختلط به المصالح، ويندمج به كل من الطرفين في صاحبه فيتحد شعورهما، وتلتقي رغباتهما، وآمالهما، هو علاقة دونها علاقة الصداقة والقرابة، وعلاقة الأبوة والبنوة (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).
٨ - وأوجب على الرجل أن يبذل للزوجة مالاً سماه الله (صدقة) ووصفه بأنه نحلة - والنحلة ما يمنح عن طيب نفس بدون مقابلة عوض - ولا ريب أن الصلة بين الزوجين أعلى وأشرف من أن يجعل عوضها دراهم معدودة، فليس المهر ثمناً ولا في مقابلة شيء في المرأة كما يظن كثير من الناس، وإنما هو آية من آيات المحبة والتقدير وأنه لذلك كان واجباً على الرجل، وأن أتفق الزوجان على أن لا مهر للزوجة (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاًُ). وقد كان المهر بذلك حقاً للزوجة لا يحل أن يأخذ الزوج منه شيئاً إلا بطيب نفسها. بذلك تقرر لها حق الملكية الصحيحة الخالصة من رقابة الزوج وهيمنته. ومن درجة منحها الإسلام للمرأة منذ أربعة عشر قرناً في حين أن النساء في أوربا في القرن العشرين لا يتمتعن بهذا الحق الذي تتمتع به المرأة في ظل الإسلام.
٩ - وبينت السورة الدرجة التي جعلها الله للرجال على النساء بعد تساويهما في الحقوق والواجبات، وأنها لا تعدو أن تكون درجة الإشراف والرعاية بحكم القدرة الطبيعية التي يمتاز بها الرجل عن المرأة، وبحكم المال الذي ينفقه قياماً بما تحتاج إليه حتى تقوم بما