للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتركنا نتألم في غير استنكار لهذه القلوب الرطبة التي أنهكها الحب، وأنهكتها الرحمة للمحبين. . . الرحمة التي لا تدع لسائل أن يسأل، ولا لمستدرك أن يستدرك

وبعد، فقد كانت قيس ولبنى نجاحاً كاملاً على مسرح الفرقة المصرية، وقد تلفت الشعب فجأة فوجد آذانه تمتلئ ببيان عربي فصيح، وشعر بدوي فيه جزالة وفيه فخامة وروعة، وفيه موسيقا تلين عاصيه، وتتدفق به في القلوب ميسراً مفهوماً. . . بل محفوظاً في كثير من رقائقه، محبباً في كثير من قوافيه، مدهشاً في كثير من كلماته التي تخيرها ذوق دقيق كأنه ذوق لال، أغرم بالعربية الفصحى فوهبه الله سرها، يجلو من غررها ودررها ما يشاء. . .

لقد كانت قيس ولبنى، برغم ما حاك في القلب من قصة أبي الفرج، قطعة من الحياة يختلط فيها جد الواقع بروعة الشعر، وتدفق الحوار بهدوء النجوى، وحرارة الحب بصلابة الواجب!

لقد كان فرحنا بها لا يعدله فرحنا بأية طرفة أدبية صدرت عن المطبعة المصرية هذا العام. . . وكيف لا نفرح بها وقد صدرت بعد الدعوة الطويلة التي دعت إليها الرسالة، من وجوب عناية الشعراء بالدرامة المنظومة التي آن الأوان لكي تسد فراغاً مخيفاً في الأدب العربي. . . وليس معنى هذا، قبل أن يعقب علينا معقب، أو أن يسئ تأويل كلامنا مسيء. . . أن قيساً ولبنى كانت ثمرة لهذه الدعوة، ولكنها كانت آية من آياتها. . .

لقد سألت ناظمها الشاعر الجليل: ماذا أوحى إليك بنظم مسرحيتك؟ فأجاب حفظه الله: لقد اقترحتها علي زوجتي. . . ظللها الله برحمته ورضاه!

ولهذا حديث غير هذا الحديث، ومقام غير ذاك المقام. وسوف أتحلل مما وعدت الأستاذ به من عدم التحدث عن هذه الأشياء، لأنها من حق التاريخ والأدب لا من حقه.

دريني خشبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>