نذكر أن ليس هناك شيء مادي يستحق أن نزن كل سعادتنا به؛ فإذا كانت رغباتك تهدر سعادتك، فغربلها جيداً وانظر كم منها غير مجد، ورض نفسك على أن تقذف به بعيداً
لا تكن متتبعاً لأولئك الأغرار الواهمين لأنه ينقصهم العقل، إنهم يرون قشور الأشياء لا لبابها، والشيء الذي يعوزهم هو المقدرة على التغلغل في أعماق الأشياء، أي التفرس والتبصر والاستشفاف
إن المغنطيس الكهربي يجذب الحديد عندما يسري التيار في وحداته، كذلك تجذب الشخصية السعادة عندما يتدفق تيار عقل ثاقب في شعوره الداخلي. ربما يكون المرء محبوباً من شخص ومكروهاً من آخر، والاتجاهات العكسية ما هي إلا محض رد فعل لفكرة فردية تتبعها مقارنة للشخص المعين طبقاً للفكر والمقاييس المعينة لرجل بعينه. والمرء يحتمل أن يكون في الحقيقة غير مستحق حب أحد له أو كراهية أحد؛ أو ربما يستأهل حب كل منهما. ولكن شعورهما المحدود يمنعهما رؤية الحقيقة كاملة واضحة.
وهكذا يواجه الناس الحياة. وغالباً ما تكون التأويلات الشخصية هي التي ترقى بالعقول التي لا تتسع لإدراك الأشياء إدراكاً شاملاً، وبغير ذلك يضيع الكثير من الجمال والسعادة. فإذا أمكن الفرد أن يرى السعادة في شيء فلم لا يمكن أني يراها الجميع؟ ألم يكن الفرق غالباً في عقل الفرد؟
أنت لا يمكنك أن تكون سعيداً لأن عندك ما عندك، ولكن لأنك تحب ما عندك. وقوة الحب والكراهية كامنة في نفسك، واتجاهك الفردي نحو شيء وصلتك الشخصية به هي التي يعتد بها
ربما تكون هنا، أو هنالك، أو في أي مكان، فإذا أضاء قلبك وسما عقلك ستشعر بالسعادة تغمر نفسك. أما إذا فكرت بأنك عوملت بإجحاف، أو إذا ظننت أنه لا يمكنك الحصول على ما ترغب، أو إذا لم يبد لك الجو جميلاً، فلا يمكن أن تملك إلا الحزن
عندما تمطر السماء ويكفهر الجو وتتلبد السحب بالغيوم يشعر الكثيرون بالتعاسة إذ يقولون (أين هي الشمس؟ يا له من يوم عبوس!) ويفهم آخرون - وهم أسمى روحاً - أن هناك وراء تلك السحابة المليئة بالمياه الغدقة شمساً لا تزال تشع. أليس من الخرق أن يخدع بمثل نقاب رفيع كهذا أناس عقلاء ذوو حس؟ ومع ذلك فالحد الذي يفصل بين الفرح