ومع هذا، فكثيراً ما نجد أن المعلمين لا يقدرون خطورة هذا المبدأ حق التقدير؛ فيوجهون جهودهم إلى تعليم القراءة من الكتب المدرسية المخصصة لهذا الغرض، دون أن يمرنوا الطلاب على القراءة السريعة بوجه عام.
في حين أن الطلاب كثيراً ما يتعلمون قراءة تلك الكتب على طريقة الاستظهار، دون أن يجهدوا أنظارهم وأذهانهم في تتبع الكلمات المطبوعة في سطورها. وكثيراً ما ينخدع المعلمون بسرعة هذه القراءة، فلا ينتبهون إلى أن الطالب قد قرأ معظم ما قرأه عن ظهر الغيب، دون ملاحظة الكتاب. وهذه الحالة تتفشى بوجه خاص، عندما يكون الصف مزدحماً بالطلاب، وعند ما يتمشى المعلم في تدريسه على طريقة ميكانيكية، لا نصيب فيها لليقظة والاهتمام. يقرأ المعلم العبارة بنفسه بصوت جهوري، ثم يطلب قراءتها من أحد الطلاب، ثم من ثان، فثالث، فرابع؛ ويكرر هذه العملية عشرات المرات. . وكثيراً ما تنصرف أنظار القسم الأعظم من سائر الطلاب - خلال هذه القراءة والتكرار - عن أسطر الكتاب إلى أشياء أخرى؛ غير أن آذانهم تبقى مستهدفة لتأثير الألفاظ التي يلفظها المعلم ويكررها سائر الطلاب، بطبيعة الحال. وإذا ما تكررت قراءة العبارات عدة مرات، يكون هؤلاء الطلاب قد حفظوا الشيء الكثير منها عن طريق السمع؛ وإذا ما جاء دورهم في القراءة، أخذوا يقرءونها (قراءة ظاهرية) تكون حصة النظر فيها محدودة جداً، ويكون العامل الأصلي في سرعتها هو الحافظة السمعية وحدها. .
ولذلك كثيراً ما نرى بعض الطلاب (يقرءون دون أن ينظروا)؛ وإذا ما طلب إليهم أن يبدءوا القراءة من محل غير المحل المعتاد، يضطرون إلى التهجي، فيقرءون بتلعثم وتردد وبطء؛ غير أنهم إذا ما تمكنوا من قراءة الكلمة الأولى بعد هذا الجهد، فتذكروا الكلمة التي تليها، أخذوا يستعينون بذاكرتهم السمعية، فصاروا يقرءون ما بعدها بسرعة واسترسال. . . . وكثيراً ما لا ينتبه المعلمون إلى (حقيقة الأمر) في هذه القراءة الظاهرية وينخدعون بهذه السرعة، ويظنون أنهم نجحوا في تعليم القراءة. . شاهدت هذه الحالة في عدد غير قليل من المدارس في دروس مئات من المعلمين، وما أعرفه عن مدارس التعليم الإلزامي في مصر يخولني حق الجزم بأن هذه الحالة ليست من الأمور النادرة هناك أيضاً. . . .
وعندما تكون طريقة تدريس القراءة مشوبة بهذه الصورة بنواقص وشوائب كثيرة، فلا