ارتشف منه الاتباعيون مادة لروائعهم؛ وهو الأدب الأسباني. فقد عبّ منه كثيرون ومنهم (كورنيل في مأساته (السيد وأعجب الأدباء الفرنسيون (بلوب دُ (آلاركون و (تيرسو دُ مولينا واقتبسوا من آثارهم، ونقلوا إلى الفرنسية بعضها. وقد استمر هذا التأثير حتى القرن الثامن عشر؛ فقد اقتبس (لوساج) من المسرح الأسباني فكرة روايته (الشيطان الأعرج) كما اقتبس (بومارشيه) منه روايته (زواج الفيجارو)
ثم جاء الأدب الإنجليزي يؤثر في الأدب الفرنسي. ولم تؤثر أمة في فرنسا تأثير إنجلترا فيها. فقد كان أثرها ظاهراُ في نواحي شتى: في الأدب، والفلسفة، والسياسة، والأذواق. وكانت ملجأ لكثير من الأدباء الفرنسيين ومنفى. فقد رحل إليها فولتير، ومونتسكيو، وبوفّون، وروسّو، وشاتوبريان، ومدام دُستال وغيرهم؛ فأقاموا فيها وأعجبوا بها. وقد أبان فولتير في (رسائله الإنكليزية عما أحس به في تلك البلاد. وتكلم ما راق له من الكلام، على الدين والفلسفة والأدب والشعر فيها. حتى انه حاول أن يقتبس من شكسبير بعض مشاهد رواياته. ثم نقلت روايات و (سويفت و (دُفوا فلقيت إعجاباُ وأثارت حماسة. ودبت الحياة في الشعر الفرنسي التثقيفي مذ قرأ الناس (تومسون و (جراي وكان شعر (أوسّيان مقدمة للشعر الإبداعي. وأثرت فلسفة (لوك و (هيوم في رجال الموسوعة الفرنسية. واصبح طراز الحكم الإنجليزي مثلاً أعلى عند سياسي فرنسة. فلما شبت الثورة الفرنسية، انقطع هذا الاتصال؛ على أنه عاد اشد قوة، واعظم شأناً بعدها. وانكب الشعراء الإبداعيون آنئذ على روائع (بيرون و (شيلي و (شكسبير يقلدونها مرة ويستوحونها مرات
وما كاد الهم يدرك القرن الثامن عشر حتى سرب الأدب الألماني إلى فرنسة. وكان لنقد (ليسنغ أثر بعيد فيها. ثم جاء (جوته) وننشر (فرتر) فألهبت المشاعر والعواطف؛ وهزت الناس، فانتحر منهم عدد كثير تقليداً لفرتر. ثم اخذ الفرنسيون يقلدون (شيلر وأخذت فلسفة الألمان تحل محل الفلسفات الأخرى. ولعل انطق صورة لهذا التأثير كتاب (مدام دستال) عن (ألمانية ثم عرّج الناس وأخذوا يتتبعون آثار (جوته) و (شيلر) و (هوفمان) و (هنري هاين)
وفي أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، اتجهت فرنسة نحو الآداب