الانتداب البريطاني كما هو معلوم، فتفظع في الجنود البريطانيين وغير الجنود لكي يظهر لروسيا أن الصهيونيين هم أعدائها. ولهذا سهل على الوكالة الصهيونية الرئيسية في وارسو أن تقنع روسيا بأن إسرائيل إن تكونت، تكون خير نصرائها ضد إنكلترا وأمريكا، وأن بترول الشرق الأوسط الذي يقتتل عليه الشرق والغرب يتسرب إلى موسكو في أنابيب الصهيونية ولما طرحت المسألة الصهيونية في هيئة الأمم كان الارتباط بني موسكو وتل أبيب عن يد وارسو قد تمكن بدليل أنه اقترح مشروع التقسيم المشئوم في الهيئة حتى وثب جروميكو مندوب روسيا وثبة الفهد على الفريسة وأعلن موافعة روسيا على التقسيم. والعقل الأنجلوسكسوني في بريطانيا وأمريكا بطئ الفهم فما حسب حساب هذه الوثبة. لعل كادوجان ممثل إنكلترا حسبه. وأما ترومان فما بالى ولسان حاله يقول: ظفرت بكرسي الرئاسة فبعدي الطوفان. ولكنه غير ظافر بالكرسي والطوفان مغرقه على كل حال.
شعر الساسة الإنكليز باللعبة الصهيونية السوفيتية. فبينما كانت الوكالة الصهيونية في وارسو تعمل علمها كانت بريطانيا قد أوفدت الجنرال كليتن برسالة غير رسمية يطوف بها على العوالم العربية، وهو يعرف اللغة العربية جيدا، ويحاول أن يقنع أساطين العرب أنه خير لهم أن يلوذوا بإنكلترا فهي خير نصير لهم. ولكنهم أفهموه أنهم لا يثقون بكلمة إنكلترا بعد أن كذبت مرارا وقالوا:(الصيف ضيعت اللبن)
على أن العرب عملوا بالقول السائل:(ما حك جلدك مثل ظفرك) فاتكلوا على الله ووحدوا كلمتهم وقابلوا كل قوة ضدهم صهيونية وغير صهيونية بالحزم والعزم، فإذا لم تتخابث الدول الأجنبية فهم منصرون بإذن الله.
إن الارتباط بين موسكو وتل أبيب لا يزال على شئ من الوهن لأن موسكو لا تثق كل الثقة باليهود ولو أرتموا ف يأحضانها، لأنها رأت وترى كل يوم أدلة على خياناتهم، فما يمنونها به من المنافع البترولية والاستراتيجية غير مضمون. ولذلك تعطف عليهم بحساب: حسبهم أنها أول من اعترف بدولة إسرائيل. وكان بعض رجال الدولة المزيفة يزورون وارسو في الآونة الأخيرة ساعين في طلب مساعدة روسيا، ومنهم موسى سنيخ المتطرف فقد قضى أخيرا في وارسو أسبوعين لهذا الغرض.
وعصابة شترن الإرهابية أشد العصابات الصهيونية اعتدادا بالمعونة الروسية واعتزازا