لقد جعل أولها قوله:(وليس لأحد من المتقدمين والمتأخرين تحليقاته في أفق الطبيعة الواسع)
سبحانك اللهم وبحمدك! هذا دليل لنا يورده المؤلف ذاته، ومصداق لما أخذناه عليه من الأحكام العامة القاطعة. التي لا يستطيع أحد أن يحمل تبعة الدفاع عنها، ولا يثبت أكثرها في العلم بله الأدب
هل أتاه حديث الشعر الذي سبق امرأ القيس والشعر الذي عاصره في الطبيعة؟!
وهل علم المحاولات التي أعقبته، وحديث النهضات المترامية في الشام والمشرق والأندلس ومصر بعده بقرون؟!
وهل درس حركة (الرومنتسزم الغربية) وسيادة شعر الطبيعة فيها، وقابل بين الخطوط الكبيرة لهذا الشعر الغربي، والخطوط الكبيرة لشعر امرئ القيس، ثم انتهى إلى ما قرر؟!
إن هذا اللون من الأحكام العامة منكر في باب البحث العلمي
ثم يقول:(وله في لمعان البرق واختلاجه في السماء آيات لا هي من الوصف الحسي، ولا هي من الوصف الخيالي، وإنما هي تصوير فقط)
ما معنى هذا؟ لقد طلبت المعونة من الله والناس على حل الغاز هذه العبارة، فلم يجب دعائي، ثم نظرت فتبينت الإحالة على أتمها: الحسي يقابله المعنوي لا الخيالي، فهذا يقابله الحقيقي أو الواقعي. والوصف الحسي تصوير والوصف المعنوي تصوير، وإذاً فلا تقوم هذه المقابلة العجيبة بين الوصفين وبين التصوير، وما نعلم أن تصوير الشيء يخرج عن أن يكون وصفا حسيا أو معنويا له!
ودع عنك الألفاظ البراقة التي استعملها والتي لا تجمل في باب الدرس والتحليل إلا إذا كان من ورائها معان مقررة ودلائل بينة
أما الأبيات التي أوردها، والتي تعتبر أقل شعر امرئ القيس دلالة في باب الطبيعة فهي ناطقة بأنها وصف حسي واقعي اللهم إلا إذا كان البصر بالعين غير حسي، وكان تصوير الحركات والأمكنة غير واقعي وكان الشاعر حريصا على الواقعية حين اكتفى بالتشبيه ولم يستعر