ومن المعروف أن جيش إسرائيل عندما تجاوز الحدود المصرية سنة ١٩٤٨، كان أول عمل لرجاله عندما وطئت أقدامهم رمال الصحراء بعد رفح أن ترجلوا جميعا، وقبلوا تراب الأرض، وأقاموا الصلاة، ثم تابعوا خطواتهم في الأرض المقدسة.
أما اليوم فهم يقيمون على الحدود استحكامات قوية، ويسكنون في أرضها الفتيان الفدائيين بزوجاتهم وأولادهم، يقطعونهم الأرض، ويبنون لهم مساكنهم تحتها - لا فوقها - ويمدونهم بالمال ليستصلحوها
وأمامهم ألوف الأميال المربعة في الشقة المصرية خلاء فإذا أرادوا هم أن يزحفوا فسيزحفون من استحكاماتهم على الحدود وورائهم العمار. وإذا أردنا نحن - حتى أن ندافع - وقف جيوشنا وورائها هذه الألوف من الأميال القاحلة الجرداء الخاوية من السكان.
لماذا؟ لأننا نحن مشغولون. مشغولون بالانقلابات الوزارية، مشغولون بالانتخابات هل تكون بالقائمة أم بغير القائمة مشغولون بالاستثناءات ومن ترد إليهم استثناءاتهم ومن لاترد؛ مشغولون بهذه الأمور الكبار التي لا يجوز أن يلهينا عنها خطر اليهود أو غير اليهود، وما تكون سينا وهي صحراء جرداء إلى جانب كراسي الوزارة الفخمة ومقاعدها الوثيرة، وقاعاتها المكيفة الهواء!
وفجأة - وفي هذه الظروف - تطلع علينا نغمه لا يدري مبعثها إلا الله، والراسخون في العلم من اليهود والصليبيين. نغمة تحديد النسل. . لماذا؟ لأن مصر تضيق بسكانها، ولأن موارد الرزق لا تنمو بنسبة نمو السكان، ولأن الأرض الزراعية محدودة
جميل! نحن معكم في أنه حين تعجز موارد البلد عن إعالة سكانه يجب أن يقف نمو هؤلاء السكان. ولكن حين تكون في موارد هذا البلد بقية فيجب أن يستمر سكانهم في التزايد، لأن نمو السكان في هذه الحالة ضمانه من ضمانات البقاء أمام تكتل الأعداء. وضمان من ضمانات القوة في المجال الدولي. لأن الأمم التي تريد أن يكون لها وزن في الكتل الدولية تحاول كلها زيادة سكانها. وأمامنا ألمانيا وإيطاليا وروسيا واليابان. بل أمامنا إسرائيل الصغيرة وهي تحاول مضاعفة سكانها على الرغم من كل ما يشاع من الأزمة الاقتصادية الممسكة فيها بالخناق!
فهل استنفذت مصر وسائلها لزيادة مرافقها أن في مصر من الموارد والمرافق ما يكفي