الكبير الذي سيموت تاركاً له التراث الأكبر!، فيجب إذن (ترقيع) الجماعة دائما! وإلا فلا يجد الصغير درعاً يساعده على البقاء! ومعنى هذا أن التربية في الجماعات المتمدنة قد أصبحت تقوم مقام الصلاحية للبقاء في الحيوانات والجماعات المتوحشة!
زد على هذا أن الجماعة لكيما تكون وحدة ناجحة سليمة يجب أن تتحد في المطامح والعقائد والفهم العام. وليس كالتربية وسيلة لتحقيق مثل تلك الوحدة الناجحة. ذلك أنها ترتب الميول المراد تنميتها وتساعد عملية النمو؛ كما أنها تطهر وترفع مستوى العادات الاجتماعية القائمة؛ وتوجد بيئة متوازنة، هي المدرسة، تعد الطفل لمواجهة البيئة الكبرى. . .
٣ - ناحية النمو
ويقول السير جون آدمز إن اغلب تعاريف التربية تحوي معنى النمو. فكومنيوس وبستالوتزي مثلاً يتفقان في أن العقل كالبذرة ينمو من الداخل. والحق أن الحياة في الفرد وفي المجتمع وفي تاريخ الكائنات جميعاً ليست إلا عملية نمو هائلة متسلسلة ينطق بها لسان التطور؛ ويحتاج النمو الصالح إلى مرونة تجدها التربية في الطفولة والشباب. وبهذه المرونة نتعلم من التجربة ونكتسب العادات الآلية التي تضمن لنا السيطرة على الطبيعة، وحسن التكيف في الموقف الجديد، والاختراع والابتكار والخلق والإبداع
وما دام الأمر أمر نمو فان المدرسة الحديثة تعارض فكرة الأعداد (للغد فحسب) كل المعارضة حتى لا تصرف المتعلم عن فرصة الحياة الحاضرة بما فيها من ميزات
يقول (ديوي) في (المدرسة والاجتماع ترجمة الأستاذ قندلفت): (لا يتاح لأمة أن تفي حق الأمانة لنفسها إلا بان تكون أمينة على إنماء أفرادها التي تتألف منها. ولا عامل كالمدرسة ينيلها ما تريد)
بقي بعد ذلك أن نتكلم عن قدرة التربية كما أشرنا إلى ذلك من قبل. والحق أننا نستطيع أن نتحدث هنا دون أي حرج. وها هو ذا إرازمس , يقول انه لو سيطر على التربية بضع سنوات لغير الدنيا. وبسمارك يردد:(إن من يدير المدرسة يوجه مستقبل الأمة. . .) وقديماً حاول أفلاطون أن يخلق المدينة السعيدة الفاضلة بالتربية. وحديثاً يسود الإنجليز ويستمدون عظمتهم من تربيتهم لا من جيوشهم وأساطيلهم.
وأخيراً إذا كان العالم يسير اليوم متشائماً نحو الحرب والدمار فلأنه قد نشأ نفسه وا أسفاه