ولكل دافع من الدوافع العضوية الداخلية استجابات خاصة به تختلف من دافع إلى آخر، فلدافع الجوع والعطش استجابات تختلف عن استجابات الدافع الجنسي مثلاً.
والدافع الجنسي من أمثلة الدوافع الكيميائية التي تتمثل في إفرازات غدد خاصة موجودة في الإنسان. وكل أنواع الاستجابات والسلوك الجنسي هو نتيجة ترد في النهاية إفراز الغدد التناسلية. فقد أثبتت التجارب العديدة أن عملية استئصال الإفراز الجنسي من الخصيتين أو المبيض يقضي على الميل الجنسي، في حين أن تجديد هذا الإفراز يعيد الميل الجنسي إلى حالته الطبيعية؛ فكأن الاختلاف بين الذكر والأنثى في السلوك الجنسي يرد إلى اختلاف الغدد فحسب؛ والرجل والمرأة لا يختلفان في تكوينهما، وما السمات المميزة لكل منهما إلا أثر بل استجابة لإفراز معين تفرزه غدة تناسلية تختلف في الذكر عنها في الأنثى. وإنه لمن السهل علينا الآن أن نجعل من الدجاجة ديكاً، ومن الديك دجاجة تقريباً، وذلك بعملية استئصال غددي فتتحول الدجاجة إلى ديك وتفقد كل سماتها الأولى وتصبح ذات عرف يأخذ في النمو، وينقلب سلوكها ولا يمكن تمييزها في النهاية من ديك آخر. وكذلك الحال إذا أردنا أن نجعل من الديك دجاجة فما علينا إلا استئصال الخصيتين فيفقد الديك عرفه ويتسم بكل سمات الدجاجة وسلوكها.
ولا يقتصر تأثير الدافع العضوي على الهيئة والتكوين الفسيولوجي فقط، بل أيضاً في اتجاه السلوك والأخلاق؛ ويمكن أن نوضح هذا جيداً بحالة بعض الأفراد الذين يتأخرون في بلوغهم نجد الواحد منهم في سن العشرين مثلاً وكل مظاهر الرجولة معدومة فيه لا في المظاهر الفسيولوجية فحسب، بل أيضاً في السمات الخلقية، ففيه نجد حياء الأنثى وخوفها ومرونتها وما إلى ذلك. فإذا عولج هذا الشخص المتأخر في بلوغه بواسطة خلاصة الخصيتين لا يلبث بعد مدة يطول زمنها أو يقصر، حسب حدة الحالة، أو يصبح وقد ظهرت عليه سمات مختلفة من ذي قبل فيرتفع صوته ويتضاعف نشاطه ويزول الخجل منه والخوف وما إلى ذلك من مظاهر الأنوثة الأخلاقية، ويتولد في الميل الجنسي. ومن هنا يظهر لنا، أن سمات الرجولة والأنوثة سواء كان ذلك من الناحية الفسيولوجية أو الخلقية إنما يرد في النهاية إلى الدافع الكيميائي وهو إفراز الغدد التناسلية.