فاستدعاه الخليفة، فأخذ أبو ذر يقرر مذهبه، ويفتي به ويذيعه بين الناس، فطلب منه عثمان أن يقيم بجهة بعيدة عن الناس، فأقام بالربدة بين مكة والمدينة. . . وبها مات رضي الله عنه في خلافة عثمان. .
ويبدو لي أن اللجنة لم تفرق في فتواها بين الشيوعية والاشتراكية، مع أن بينهما فرقاً كبيراً، وعلى هذا فقد خطأت أبا ذر في رأيه، وما كان أبو ذر شيوعياً، ولا يرى هذا الرأي، ولكنه لا شك كان اشتراكياً، يدعو إلى رد مال المسلمين على المسلمين. وقبل أن أناقش حكم اللجنة هذا أورد فتوى في هذا الشأن المغفور له السيد جمال الدين الأفغاني وهي تخالف فتوى اللجنة تمام المخالفة، فقد سأله أحد الباحثين عن مذهب الاشتراكية (سوسيالست) الذي ينادي به الغربيون فيه علاجاً حاسماً للحالة الاجتماعية القائمة في بلادهم، وهل هذا المذهب مما يقره الإسلام ويرتضيه فقال السيد رضوان الله:(الاشتراكية الغربية ما أحدثها وأوجدها إلا حاسة الانتقام من جور الحكام والأحكام وعوامل الحسد في العمال من أرباب الثراء الذين استعملوا ثروتهم في السفه والسرف، وبذلوها في التبذير والترف، على مرأى من منتجها، والعامل في استخراجها من بطون الأرض. .)
(أما الاشتراكية في الإسلام، فهي ملتحمة مع الدين الإسلامي ملتصقةفي خلق أهله. . وهذا خير كافل لجعلها نافعة مفيدة، ممكن الأخذ بها، لأن الكتاب الديني وهو القرآن الكريم أشار إليها بادلة كثيرة منها: إن المسلم أول ما يقرأ من فاتحة الكتاب: الحمد لله رب العالمين، فيعلم أن للخلق رباً واحداً، وهو مع سائر الخلق من المربوبين على السواء. ويرى ويعلم أن القرآن أتى على ذكر أرباب القوة ورجال الحرب والغزاة ومن يتولى إمرتهم وحياتهم، فخاطبهم آمراً ومعلماً ومدافعاً ومبيناً حقوق المستضعفين من الأمة الذين لم يتمكنوا من الاشتراك مع من ذكر ليكون لهم من ذلك الجهاد وتلك المساعي نصيب إذ قال (واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير)، فهذه آية باهرة، أوجبت على من يسعى مجاهداً ومخاطراً بحياته أن يكون مشتركاً فعلاً. . وهم لا شك من المستضعفين الذين إنما قعدوا عن الاشتراك في الجهاد والسعي وراء الغنائم لعل تختلف أشكالها وأنواعها، ولكن الله لم يجز حرمانهم، بل جعل لهم نصيباً