للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم ضاق الشيخ عبد المحسن بالأمر ذرعا، فكلفني أن اخذ من الشيخ علي وعدا بإنجاز المسألة مع الخديو: أما سلبا يريح النفس أو إيجاباً يزيح العلة

فتركت الشيخ عبد المحسن في غرفة التحرير، ودخلت على الشيخ علي، وبلغته الرسالة، وكان يصحح مقالةً للطبع. فترك القلم من يده، وتنفس الصعداء ثم قال: ماذا أصنع يا أستاذ؟ أنهيت القضية أمس مع الخديو، ووعد وعداً أكيداً بإصدار أمره بتعيين الراتب، وقد شكرت له وخرجت من عنده. لكنني لم أكد أبرح الباب حتى دخل عليه بعض الناس (ولم يسه لي) فقال للخديو: رأيت فلاناً خارجاً من عندك، فماذا يبغي؟ قال: قررنا راتباً للشيخ عبد المحسن الكاظمي. قال: أنسيت أنه الشاعر المفتى، وقد قال فيه من الشعر كذا وعرض فيك بكذا وكذا؟

قال الشيخ علي: فما كان من الخديو إلا الشح برفده والنكول عن وعده

فلما وعيت هذا رجعت إلى الشيخ الكاظمي، فأخبرته الخبر، فتأثر جد التأثر، وقال لي: أتعرف من هو بعض الناس؟ قلت: لا. قال: هو أحمد شوقي

وكنت إلى ذلك الحين لم أعرف سعادة أحمد شوقي بك رحمه الله، ولا اجتمعت به، وإنما لقيته بعد ذلك في إدارة المؤيد وقد طلب من الشيخ علي أن يراني فتلاقينا وتعارفنا

ثم قال لي الشيخ عبد المحسن: وما الحيلة الآن يا أستاذ؟ قلت: تحسين العلاقة مع أحمد شوقي بك، ففارقته على نية اللقاء في وقت نذهب فيه إلى (كرمة ابن هانئ)، وكانت الكرمة بنيت، حديثاً فذهبنا إليها وأرسل الشيخ عبد المحسن بطاقته إلى البك، فأجيب بأنه خرج، أما الشيخ عبد المحسن فقد أقسم أنه لم يخرج، وإنما أراد ألا يقابله

ومن ذلك الحين يئس من الخديو والراتب. وفوض أمره إلى الله. ثم لما اشتد به المرض، ولازم داره في (درب الكحكيين) جعلت أتردد إليه فيها، وكنا نقضي ساعات في الحديث ورواية الشعر ومطارحة الأدب وأخبار الأدباء، وخاصة أدباء العراق من الشيعة، وقد لخصت بعض أحاديثه عنهم في أملية العدد الصادر في ١ يوليو سنة ١٩٠٧ من (آمالي الأدب) التي كنت أنشرها في (المؤيد) من وقت إلى آخر

وكان الشيخ عبد المحسن يخص بإعجابه من بين شعراء العراق (إبراهيم الطباطبائي النجفي) الذي جمع بين جودة الشعر وحسن الإنشاد ورخامة الصوت، وهو الذي يقول في

<<  <  ج:
ص:  >  >>