للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وسخف، كما أكد إن مذكرة ١١ يناير هي وحدها الحل الوحيد الممكن للتقارب بين المراكشيين والفرنسيين.

ماذا يريد الفرنسيين من مراكش؟

يريدون أن تبقى جاهلة، ولا أدل على ذلك من أن المراكشيين لم ينتجوا زهاء ثلث قرن كامل قضوه تحت تحكمات الفرنسيين سوى ثلاثة أطباء ونحو سبعة من المحامين ونزر من المدرسين!

ويريدون منها أن تكون مفككة العرى متنازعة مقسمة على نفسها، ولا أدل على ذلك من (الظهير البربري) الشهير الصادر يوم ١٦ مايو ١٩٣٠ والمرسومات والقرارات التي تبعته والتي فرضت على سكان البوادي العربية أن يخرجوا عن الإسلام بالنار والحديد والشنق، وأن يقطعوا كل صلة باللغة العربية وأن يعزلوا عزلا عن كل اتصال ببقية مواطنيهم المراكشيين. ويريد الفرنسيون من مراكش أن يكون فلاحيها متشردين وقطاع طرق ولا أدل على ذلك من مرسوم ١٩٢٧ القاضي باعتبار نزع أراضي الفلاح المراكشي لفائدة (المستعمر) الفرنسي من المصلحة العامة. وليتصور القارئ أن مراكش من الأقاليم التي تشيع فيها الملكية الصغيرة، فتكوين (عزبة) للتعمير تطلب اعتياديا نزع أراضي مئة إلى مئة وخمسين فلاحا مراكشياً يسلمون أراضيها العزيزة لسيدهم المستعمر وينزلون هم إلى المدن يائسين من الحياة يزيدون في عدد البؤساء المجرمين. وهذه السياسة مستمرة منذ صدر مرسوم ١٩٢٧.

ويريد الفرنسيون من مراكش أن لا يسمع فيها صوت غير صوتهم ولا تنفذ إرادة غير إرادتهم، وليس أدل على ذلك من إن مراكش تعيش قانونياً وعملياً تحت الحصار (الأحكام العرفية) منذ سنة ١٩١٤ إلى اليوم، وهي مقسمة إلى مناطق على رأس كل منطقة منها حاكم عسكري ليس لسلطته حدود، وعلى رأس الحكام العسكريين القائد الأعلى لجيوش الاحتلال بيده تفويض عام لإصدار أوامر باسمه متى شاء وكيف شاء، فالمراسيم الملكية نفسها يوقف تطبيقها أو يناقضها أو يعدلها بحسب مصلحة جيش الاحتلال ووفقاً للمرسوم الملكي نفسه الصادر سنة ١٩١٤ القاضي بوضع البلاد تحت حالة الحصار (الأحكام العسكرية) وطبقا لهذه الحالة المؤلمة ليس للمراكشيين ولا جريدة واحدة أو مجلة، بينما

<<  <  ج:
ص:  >  >>