يخطر على باله أن يزعج أحداً ويعرض حياته للتلف، ليرد مبلغي إليّ)
وهو - كما ترى - تعبير جحوي بارع ينطوي - في فكاهته - على أقصى الجد المرير. وفي هذا يقول في بعض خواطره:
وهكذا ترك لي (أبو مرة ظالم بن الحارث) زاده كله، فرحت آكل من طعامه هنيئاً مريئاً بعد أن هيأت لي كوارثه ونكباته، ما لم تهيئه لي مباهجها ومسراته.
إلى أن يقول: وكم سعد سعيد بشقوة شقي، وللقدر تصريف خفي. وغرق مركب بمن فيه، ولم ينج أحد من راكبيه، فهلك السفر والربان، وراحوا زاداً للسمك والحيتان.
ثم هذا كله فكان ماذا؟
قامت المنادب في ديار الغرقى والمناحات، وأعلنت الأفراح في قاع البحر وعمت المباهج والمسرات. ولولا غرق المركب بمن فيه من الناس، لما تم للسمك ما يطمح إليه من بشر وإيناس، ولما أقام الولائم والأعراس. وكم للقدر من عجائب وفنون، ولله في خلقه شؤون.