للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فعرض عليه الإسلام ليدخل الجنة فقال له:

رضيت أن أكون مع آبائي في الجنة أو في النار

فهش له المنصور وبش وأمر بتجهيزه ووصله بعشرة آلاف دينار، وهو المنصور المشهور بالإمساك وكزازة اليد

على أن هلا كوخان الوثني قد أمر بإلقاء الكتب العربية في نهر دجلة، فقضى على مدينة بني العباس بعد تقويض عرش خلافتهم التي استمرت من سنة ١٣٢هـ إلى سنة ٦٥٦ هـ

فأنت ترى أن هلا كوخان التتري الوثني لم يعمد لتقويض بنيان الدين الإسلامي، ولكنه أراد القضاء على لغة العرب ومدينتهم في العراق، وحذا حذوه قساوسة الأسبان في الأندلس الشهيدة، لان الأمة تحيا وتموت بحياة لغتها وموتها. أما كتاب الله وسنة نبيه، فإن هلا كوخان التتري الوثني وقساوسة الأسبان الذين هدوا هديه في الأندلس كانوا يعلمون أن المصاحف وكتب الحديث قد انتشرت في جميع المشارق والمغارب في بلاد فارس وفي الهند وبلاد الجزيرة العربية وجاوة وبخارى وما إليها.

عندما ضمت ولاية الألزاس إلى ألمانيا بعد حرب السبعين الأخيرة، قام أحد المدرسين الفرنسيين في تلك المنطقة الشهيدة إذ ذاك بين تلاميذه وقال لهم: إن درسي هذا هو آخر الدروس التي ألقيها عليكم. فإذا أردتم أن تحتفظوا بفرنسا في قلوبكم، فلا تفرطوا في لغتها

والوحدة العربية التي استشهد الحسين بن علي رافع علمها في سبيل الذود عنها وأضاع ماله وتاجه، هذه الوحدة التي يسعى لها العرب وعلى رأسهم صاحب السمو الأمير عبد الإله حفيد الحسين، لا يقدر العرب على الوصول إليها - على الرغم من الجهود المبعثرة التي يبذلها أصحاب الزعامات الزائفة الذين يشبهون الذباب الملوث في الإناء الطاهر - إلا إذا وحدنا لغة الجرائد والمجلات، ليفهم ابن العراق وابن اليمن والحجاز ونجد وفلسطين ودمشق ما يكتبه ابن مصر.

لو عرف الرجل الذي ناطوا به قتل اللغة العربية في مصر وحكموه في وزارة المعارف المصرية من عام ١٨٩١ إلى عام ١٩١٩ أن جماعة من تجار الأدب الزائف والثقافة العرجاء، سيصدرون هذه المجلات التي يكتبونها بلغة طمطمانية، لا تمت إلى العربية

<<  <  ج:
ص:  >  >>